﴿السيارة﴾ المسافرين ﴿سَوَّلَتْ﴾ زيَّنت ﴿وَارِدَهُمْ﴾ الوارد الذي يرد الماء ليستقي للقوم.
سَبَبُ النّزول: روي أن اليهود سألوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قصة يوسف وما حصل له مع إخوته من أولاد يعقوب فنزلت السورة.
التفسِير: ﴿الر﴾ إشارة إِلى الإِعجاز، فمن هذه الحروف وأمثالها تتألف آيات الكتاب المعجز ﴿تِلْكَ آيَاتُ الكتاب المبين﴾ أي تلك الآيات التي أنزلت إليك يا محمد هي آيات الكتاب المعجز في بيانه، الساطع في حججه وبراهينه، الواضح في معانيه، الذي لا تشتبه حقائقه، ولا تلتبس دقائقُه ﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ أي أنزلناه بلغة العرب كتاباً عربياً مؤلفاً من هذه الأحرف العربية ﴿لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أي لكي تعقلوا وتدركوا أن الذي يصنع من الكلمات العادية هذا الكتاب المعجز ليس بشراً، وإنما هو إله قدير، وهذا الكلام وحيٌ منزل من رب العالمين ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾ أي نحن نحدثك يا محمد ونروي لك أخبار الأمم السابقة، بأصدق كلام، وأحسن بيان ﴿بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هذا القرآن﴾ أي بإِيحاءتنا إليك هذا القرآن المعجز ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغافلين﴾ أي وإنَّ الحال والشأن أنك كنتَ من قبل أن نوحي إليك هذا القرآن لمن الغافلين عن هذه القصة، لم تخطر ببالك، ولم تقرعْ القصة، لأنك أميٌّ لا تقرأ ولا تكتب ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ياأبت إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً﴾ من هنا بداية القصة، أي اذكر حين قال يوسفُ لأبيه يعقوب يا أبي إني رأيت في المنام هذه الرؤيا العجيبة، رأيت أحد عشر كوكباً من كواكب السماء خرّت ساجدةً لي ﴿والشمس والقمر رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ أي ورأيت في المنام الشمس والقمر ساجدةً لي مع الكواكب قال ابن عباس: كانت الرؤيا فيهم وحياً قال المفسرون: الكواكب الأحد عشر كانت إخوته، والشمس والقمر أبواه، وكان سنه إذ ذاك اثنتي عشرة سنة، وبين هذه الرؤيا واجتماعه بأبيه وإخوته في مصر أربعون سنة ﴿قَالَ يابني لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ على إِخْوَتِكَ﴾ أي قال له يعقوب: لا تخبرْ بهذه الرؤيا إخوتك ﴿فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً﴾ أي فيحتالوا لإِهلاكك حيلةً عظيمة لا تقدر على ردّها ﴿إِنَّ الشيطان لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ أي ظاهر العداوة قال أبو حيان: فهم يعقوب من رؤيا يوسف أن الله تعالى يبلّغه مبلغاً من الحكمة، ويصطفيه للنبوة، وينعم عليه بشرف الدارين، فخاف عليه من حسد إخوته فنهاه أن يقصَّ رؤياه عليهم ﴿وكذلك يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ أي وكما أراك مثل هذه الرؤيا العظيم كذلك يختارك ربك للنبوة ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث﴾ أي يعلمك تفسير الرؤيا المناميَّة ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وعلى آلِ يَعْقُوبَ﴾ أي يتمم فضله وإنعامه عليك وعلى ذرية أبيك يعقوب ﴿كَمَآ أَتَمَّهَآ على أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ﴾ أي كما أكمل النعمة من قبل ذلك على جدك إِبراهيم وجدك إسحاق بالرسالة والاصطفاء ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ أي عليمٌ بمن هو أهلٌ للفضل، حكيم في تدبيره لخلقه ﴿لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ﴾ أي لقد كان في خبر يوسف وإخوته الأحد عشر عبرٌ وعظاتٌ للسائلين عن أخبارهم ﴿إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إلى أَبِينَا مِنَّا﴾ هذه هي المحنة