أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} أي إنهم قوم يتنزهون عن القاذورات ويعدّون فعلنا قذراً، وهو تعليلٌ لوجوب الطرد والإِخراج قال قتادة: عابوهم والله بغير عيب بأنهم يتطهرون من أعمال السوء وقال ابن عباس: هو استهزاء يستهزئون بهم بأنهم يتطهرون عن أدبار الرجال ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته﴾ أي فخلصناه هو وأهله من العذاب الواقع بالقوم إلا زوجته ﴿قَدَّرْنَاهَا مِنَ الغابرين﴾ أي جعلناها بقضائنا وتقديرنا من المهلكين، الباقين في العذاب ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً﴾ أي أنزلنا عليهم حجارة من السماء كالمطر فأهلكتْهُم ﴿فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين﴾ أي بئس العذاب الذي أُمطروا به وهو الحجارة من سجيلٍ منضود، ولما ذكر تعالى قصص الأنبياء أتبعه بذكر دلائل القدرة والوحدانية فقال ﴿قُلِ الحمد لِلَّهِ وَسَلاَمٌ على عِبَادِهِ الذين اصطفى﴾ أي قل يا محمد الحمدُ للهِ على إفضاله وإِنعامه، وسلامٌ على عباده المرسلين الذين اصطفاهم لرسالته، واختارهم لتبليغ دعوته قال الزمخشري: أمر الله رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن يتلو هذه الآيات الدالة على وحدانيته، الناطقة بالبراهين على قدرته وحكمته، وأن ستفتح بتحميده والسلام على أنبيائه، وفيه تعليمٌ حسن، وتوقيفٌ على أدبٍ جميل، وهو حمد الله والصلاة على رسله، ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابراً عن كابر هذا الأدب، فحمدوا الله وصلوا على رسوله أمام كل علم، وقبل كل عظة وتذكرة ﴿ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ تبكيتٌ للمشركين وتهكمٌ بهم أي هل الخالق المبدع الحكيم خيرٌ أم الأصنام التي عبدوها وهي لا تسمع ولا تستجيب؟ ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض﴾ برهان آخر على وحدانية الله أي أمَّن أبدع الكائنات فخلق تلك السماواتِ في ارتفاعها وصفائها، وجعل فيها الكواكب المنيرة، وخلق الأرض وما فيها من الجبال والسهول والأنهار والبحار، خيرٌ أمّا يشركون؟ ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السمآء مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ﴾ أي وأنزل لكم بقدرته المطر من السحاب فأخرج به الحدائق والبساتين، ذات الجمال والخضرة والنضرة، والمنظر الحسنِ البهيج ﴿مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا﴾ أي ما كان للبشر ولا يتهيأ لهم، وليس بمقدورهم ومستطاعهم أن يُنبتوا شجرها فضلاً عن ثمرها ﴿أإله مَّعَ الله﴾ استفها إنكار أي هل معه معبود سواه حتى تسوّوا بينهما وهو المتفرد بالخلق والتكوين؟ ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ أي بل هم قوم يشركون بالله فيجعلون له عديلاً ومثيلاً، ويسوّون بين الخالق الرازق والوثن ﴿أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً﴾ برهان آخر أي جعل الأرض مستقَراً للإنسان والحيوان، بحيث يمكنكم الإِقامة بها والاستقرار عليها ﴿وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً﴾ أي وجعل في شعابها وأوديتها الأنهار العذبة الطيبة، تسير خلالها شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً ﴿وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ﴾ أي وجعل جبالاً شامخة ترسي الأرض وتثبتها لئلا تميد وتضطرب بكم ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ البحرين حَاجِزاً﴾ أي وجعل بين المياه العذبة والمالحة فاصلاً ومانعاً يمنعها من الاختلاط، لئلا يُفسد ماء البحار المياهَ العذبة ﴿أإله مَّعَ الله﴾ أي أمع الله معبودٌ سواه؟ ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي أكثر المشركين لا يعلمون الحق فيعلمون الحق فيشركون مع الله غيره ﴿أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ﴾ برهانٌ ثالث أي أمّن يجيب المكروب المجهود الذي مسَّه الضر فيستجيب دعاءه


الصفحة التالية
Icon