ويلبي نداءه؟ ﴿وَيَكْشِفُ السواء﴾ أي ويكشف عنه الضُرَّ والبأساء؟ ﴿وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ الأرض﴾ أي ويجعلكم سكان الأرض تعمرونها جيلاً بعد جيل، وأُمةً بعد أُمة ﴿أإله مَّعَ الله﴾ ؟ أي أإله مع الله يفعل ذلك حتى تعبدوه؟ ﴿قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ أي ما أقلَّ تذكركم واعتباركم فيما تشاهدون؟ ﴿أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ البر والبحر﴾ ؟ برهان رابع أي أم من يرشدكم إلى مقاصدكم في أسفاركم في الظلام الدامس، في البراري، والقفار، والبحار؟ والبلاد التي تتوجهون إليها بالليل والنهار؟ ﴿وَمَن يُرْسِلُ الرياح بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ ؟ أي ومن الذي يسوق الرياح مبشرةً بنزول المطر الذي هو رحمة للبلاد والعباد؟ ﴿أإله مَّعَ الله﴾ ؟ أي أإلهٌ مع الله يقدر على شيءٍ من ذلك؟ ﴿تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ أي تعظَّم وتمجَّد الله القادر الخالق عن مشاركة العاجز المخلوق ﴿أَمَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعيدُهُ﴾ برهانٌ خامس أي أمَّنْ يبدأ خلق الإِنسان ثم يعيده بعد فنائه؟ قال الزمخشري: كيف قال لهم ذلك وهم منكرون للإِعادة؟ والجواب أنه قد أُزيحت علَّتُهم بالتمكين من المعرفة والإِقرار، فلم يبق لهم عذرٌ في الإِنكار ﴿وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء والأرض﴾ أي ومن يُنزل عليكم من مطر السماء، ويُنبتُ لكم من بركات الأرض الزروع والثمار؟ قال أبو حيان: لما كان إِيجاد بني آدم إنعاماً إليهم وإِحساناً عليهم، ولا تتم النعمة إلا بالرزق قال ﴿وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السمآء﴾ أي بالمطر ﴿والأرض﴾ أي بالنبات ﴿أإله مَّعَ الله﴾ ؟ أي أإله مع الله يفعل ذلك؟ ﴿قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ أي أحضروا حجتكم ودليلكم على ما تزعمون إن كنتم صادقين في أنَّ مع الله إلهاً آخر ﴿قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السماوات والأرض الغيب إِلاَّ الله﴾ أي هو سبحانه وحده المختص بعلم الغيب، فلايعلم أحدٌ من ملك أو بشر الغيب إلا اللهُ علامُ الغيوب قال القرطبي: نزلت في المشركين حين سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قيام الساعة ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ ؟ أي وما يدري ولا يشعر الخلائق متى يُبعثون بعد موتهم؟ ﴿بَلِ ادارك عِلْمُهُمْ فِي الآخرة﴾ أي هل تتابع وتلاحق علمُ المشركين بالآخرة وأحوالها حتى يسألوا عن الساعة وقيامها؟ إنهم لا يصدقون بالآخرة فلماذا يسألون عن قيام الساعة؟ ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا﴾ إضراب عن السابق أي هم شاكون في الآخرة لا يصدّقون بها ولذلك يعاندون ويكابرون ﴿بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ﴾ أي بل هم في عمَىً عنها، ليس لهم بصيرةٌ يدركون بها دلائل وقوعها لأن اشتغالهم باللذات النفسانية من شهوة البطن والفرج صيّرهم كالبهائم والأنعام لا يتدبرون ولا يبصرون قال ابن كثير: هم شاكون في وقوعها ووجودها، بل هم في عماية وجهلٍ كبير في أمرها.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ -


الصفحة التالية
Icon