خزائنه لكثرتها وثقلها فضلاً عن حمل الخزائن والأموال والآية تصويرٌ لما كان عليه قارون من كثرة المال والغنى والثراء ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ﴾ أي لا تأشر ولا تبطر ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين﴾ أي لا يحب البطرين الذين لا يشكرون الله على إنعامه، ويتكبرون بأموالهم على عباد الله ﴿وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله الدار الآخرة﴾ أي اطلب فيما أعطاك الله من الأموال رضى الله، وذلك بفعل الحسنات والصدقات والإِنفاق من الطاعات ﴿وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا﴾ قال الحسن: أي لا تضيّع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إيّاه ﴿وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ أي أحسن إلى عبادِ الله كما أحسن الله إليك ﴿وَلاَ تَبْغِ الفساد فِي الأرض﴾ أي لا تطلب بهذا المال البغي والتطاول على الناس، والإِفساد في الأرض بالمعاصي ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين﴾ أي لا يحب من كان مجرماً باغياً مفسداً في الأرض ﴿قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عندي﴾ لمَّا وعظه قومه أجابهم بهذا على وجه الرد عليهم والتكبر عن قبول الموعظة والمعنى: إنما أُعطيت هذا المال على علمٍ عندي بوجوه المكاسب، ولولا رضى الله عني ومعرفته بفضلي واستحقاقي له ما أعطاني هذا المال ﴿قال تعالى رداً عليه {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القرون مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً﴾ أي أولم يعلم هذا الأحمق المغرور أنَّ الله قد أهلك من قبله من الأمم الخالية من هو أقوى منه بدناً وأكثر مالاً؟} قال البيضاوي: والآية تعجبٌ وتوبيخ على اغتراره بقوته وكثرة ماله، مع علمه بذلك لأنه قرأه في التوراة، وسمعه من حفاظ التواريخ ﴿وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون﴾ أي لا حاجة أن يسألهم الله عن كيفية ذنوبهم وكميتها لنه عالمٌ بكل شيء، ولا يتوقف إهلاكه إياهم على سؤالهم بل متى حقَّ عليهم العذاب أهلكهم بغتة، ثم أشار تعالى إلى أن قارون لم يعتبر بنصيحة قومه، بل تمادى في غطرسته وغيِّه فقال تعالى ﴿فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ أي فخرج قارون على قومه في أظهر زينةٍ وأكملها قال المفسرون: خرج ذات يوم في زينةٍ عظيمة بأتباعه الكثيرين، ركباناً متحلين بملابس الذهب والحرير، علىخيولٍ موشحةٍ بالذهب، ومعها اجواري والغلمان في موكبٍ حافلٍ باهر ﴿قَالَ الذين يُرِيدُونَ الحياة الدنيا ياليت لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ﴾ أي فلما رآه ضعفاء الإِيمان ممن تخدعهم الدنيا ببريقها وزخرفها وزينتها قالوا: يا ليت لنا مثل هذا الثراء والغنى الذي أُعطيه قارون ﴿إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ أي ذو نصيب وافرٍ من الدنيا ﴿وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم﴾ أي وقال لهم العقلاء من أهل العلم والفهم والاستقامة ﴿وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ أي ارتدعوا وانزجروا عن مثل هذا الكلام فإن جزاء الله لعباده المؤمنين الصالحين خيرٌ مما ترون وتتمنَّون من حال قارون قال الزمخشري: أصل ﴿وَيْلَكُ﴾ الدعاء بالهلاك ثم استعمل في الزجر والردع، والبعث على ترك ما لا يرتضى ﴿وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ الصابرون﴾ أي ولا يُعطى هذه المرتبة والمنزلة في الآخرة إلا الصابرون على أمر الله قال تعالى تنبيهاً لنهايته المشئومة ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض﴾ أي جعلنا الأرض تغور به وبكنوزه، جزاءً على عتوه وبطره ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ﴾ أي ما كان له أحد من الأنصار والأعوان يدفعون عنه