ما قضيتُ من لقائك وَطَراً أي ما استمتعتُ بك كما تشتهي نفسي وأنشد:
وكيفَ ثَوابي بالمدينةِ بعدما قَضَى وطراً منها جميل بن معمر
﴿حَرَجٍ﴾ ضيق وإثم. ﴿خَلَوْاْ﴾ مضو وذهبوا. ﴿قَدَراً مَّقْدُوراً﴾ قضاءً مقضياً في الأزل. ﴿بُكْرَةً﴾ البُكرة: هي أول النهار. ﴿أَصِيلاً﴾ الأصيل: آخر النهار. ﴿تُرْجِي﴾ تؤخر يقال: أرجيت الامر وأرجأته إذا أخرته. ﴿تؤوي﴾ تضم ومنه ﴿آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾ [يوسف: ٦٩].
سَبَبُ النّزول: عن ابن عباس قال: «خطب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زينب بنت جحش لمولاه» زيد بن حارثة «فاستنكفت منه وكرهت وأبت فنزلت الآية ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ..﴾ الآية فأذعنت زينب حينئذٍ وتزوجته.. وفي رواية» فامتنعت وامتنع أخوها عبد الله لنسبها من قريش فلما نزلت الآية جاء أخوها فقال يا رسول الله مرني بما شئت قال: «فَزَوِّجْهَا مِنْ زَيْدٍ»، فرضي وزوَّجها «.
التفسِير: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ﴾ أي لا ينبغي ولا يصح ولا يليق بأي واحدٍ من المؤمنين والمؤمنات ﴿إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً﴾ أي إذا أمر الله عَزَّ وَجَلَّ وأمر رسوله بشيءٍ من الأشياء، قال الصاوي: ذكرُ اسم الله للتعظيم وللإِشارة إلى أن قضاء رسول الله هو قضاء الله لكونه لا ينطق عن الهوى ﴿أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيرة مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ أي أن يكون لهم رأيٌ أو اختيار، بل عليهم الانقياد والتسليم، قال ابن كثير: وهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسولُه بشيء فليس لأحدٍ مخالفته، ولا اختيار لأحدٍ ولا رأي ولا قول، ولهذا شدَّد النكير فقال: ﴿وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً﴾ أي ومن يخالف أمر الله وأمر رسوله فقد حاد عن الطريق السوي، وأخطأ طريق الصواب، وضلَّ ضلالاً بيّناً واضحاً ﴿وَإِذْ تَقُولُ للذي أَنعَمَ الله عَلَيْهِ﴾ أي اذكر أيها الرسول وقت قولك للذي أنعم الله عليه بالهداية للإِسلام ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بالتحرير من العبودية والإعتاق، قال المفسرون: هو»
زيد بن حارثة «كان من سبي الجاهلية اشترته» خديجة «ووهبته لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فكان مملوكاً عنده ثم أعتقه وتبنَّاه، وزوَّجه ابنة عمته» زينب بنت جحش «رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ واتق الله﴾ أي أمسكْ زوجتك زينب في عصمتك ولا تطلّقها، واتّقِ الله في أمرها ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ﴾ أي وتضمر يا محمد في نفسك ما يسظهره الله وهو إرادة الزواج بها قال في التسهيل: الذي أخفاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمر جائزّ مباح لا إثم فيه ولا عتب، ولكنه


الصفحة التالية
Icon