كَانَ عِندَ الله عَظِيماً} أي إن إيذاءه ونكاح أزواجه من بعده أمر عظيم، وذنب كبير لا يغفره الله لكم، قال أبو السعود: وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإيجاب حرمته حياً وميتاً ما لا يخفى ثم قال تعالى: ﴿إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ﴾ أي إن تظهروا أمراً من الأمور أو تخفوه في صدوركم ﴿فَإِنَّ الله كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ أي فإن الله عالم به وسيجازيكم عليه، قال البيضاوي: وفي هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويلٍ ومبالغة في الوعيد، ثم لما أنزل تعالى الحجاب استثنى المحارم فقال: ﴿لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ في آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ أي لا حرج ولا إثم على النساء في ترك الحجاب أمام المحارم من الرجال، قال القرطبي: لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ونحنُ أيضاً نكلمهنَّ من وراء حجاب؟ فنزلت هذه الآية، والمراد ب ﴿نِسَآئِهِنَّ﴾ نساءُ المؤمنين، قال ابن عباس: لأن نساء اليهود والنصارى يَصفن لأزواجهن النساء المسلمات، فلا يحل للمسلمة أن تُبدي شيئاً منها لئلا تصفها لزوجها الكافر ﴿واتقين الله﴾ أي اتَّقين يا معشر النساء الله، واخشينه في الخلوة والعلانية ﴿إِنَّ الله كَانَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً﴾ أي لا تخفى عليه خافية من أموركن، يعلم خطرات القلوب كما يعلم حركات الجوارح، قال الرازي: وهذا في غاية الحسن في هذا الموضع، لأن ما سبق إشارة إلى جواز الخلوة بهم والتكشف لهم، فختمها بأن الله شاهد عند اختلاء بعضهم ببعض، فالخلوة عنده مثل الجلوة فعليهم أن يتقوا الله، ثم بيَّن تعالى قدر الرسول العظيم فقال: ﴿إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي﴾ أي إن الله جل وعلا يرحم نبيَّه، ويعظّم شأنه، ويرفع مقامه، وملائكتُه الأبرار يدعون للنبي ويستغفرون له، ويطلبون من الله أن يمجّد عبده ورسوله ويُنيله أعلى المراتب، قال القرطبي: والصلاةُ من الله رحمتُه ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والإستغفار، ومن الأمة الدعاءُ والتعظيمُ