المنَاسَبَة: لما أراد الله الفرج عن يوسف وإخراجه من السجن، رأى ملك مصر رؤيا عجيبة أفزعته، فجمع السحرةَ والكهنة والمنجمين وأخبرهم بما رأى في منامه، وسألهم عن تأويلها فأعجزهم الله جميعاً ليكون ذلك سبباً في خلاص يوسف من السجن.
اللغَة: ﴿عِجَافٌ﴾ هزيلة ضعيفة جمع أعجف والأنثى عجفاء ﴿تَعْبُرُونَ﴾ التعبير: معرفة تفسير الرؤيا المنامية ﴿أَضْغَاثُ﴾ جمع ضِغث وهو الحزمة من الحشيش اختلط فيها اليابس بالرطب ﴿أَحْلاَمٍ﴾ جمع حُلم وهو ما يراه النائم ومعناه أخلاط منامات اختلط فيها الحق بالباطل ﴿وادكر﴾ تذكّر بعد النسيان ﴿دَأَباً﴾ الدَّأب: الاستمرار على الشيء يقال: دأب على عمله فهو دائب أي استمر عليه ﴿تُحْصِنُونَ﴾ تحرزون وتدخرون ﴿حَصْحَصَ﴾ ظهر وبان ﴿مَكِينٌ﴾ ذو مكانة رفيعة ﴿رِحَالِهِمْ﴾ جمع رحل وهو ما على ظهر المركوب من متاع الراكب وغيره ﴿نَمِيرُ﴾ نأتي لهم بالميرة وهي الطعام ﴿يُحَاطَ بِكُمْ﴾ تهلكوا جميعاً.
التفِسير: ﴿وَقَالَ الملك إني أرى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ﴾ أي قال ملك مصر إني رأيت في منامي سبع بقرات سمانٍ خرجت من نهرٍ يابسٍ، وفي أثرها سبع بقراتٍ هزيلة في غاية الهُزال فابتلعت العجافُ السمانّ ﴿وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ هذا من تتمة الرؤيا أي ورأيتُ أيضاً سبع سنبلاتٍ خضر قد انعقد حبُّها وسبعاً آُخر يابسات قد استحصدت، فالتوتْ اليابسات على الخضر فأكلنهنَّ ﴿ياأيها الملأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ﴾ أي يا أيها الأشراف من رجالي وأصحابي أخبروني عن تفسير هذه الرؤيا ﴿إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾ أي إن كنتم تجيدون تعبيرها وتعرفون مغزاها ﴿قالوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ﴾ أي أخلاط رؤيا كاذبة لا حقيقة لها قال الضحاك: أحلامٌ كاذبة ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحلام بِعَالِمِينَ﴾ أي ولسنا نعرف تأويل مثل هذه الأحلام الكاذبة ﴿وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ أي وقال نجا من السجن وهو الساقي وتذكّر ما سبق له مع يوسف بعد مدة طويلة ﴿أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ﴾ أي أنا أخبركم عن تفسير هذه الرؤيا ممن عنده علم بتأويل المنامات ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾ أي فأرسلوني إليه لآتيكم بتأويلها، خاطب الملك بلفظ التعظيم قال ابن عباس: لم يكن السجن في المدينة ولهذا قال فأرسلون ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق﴾ في الكلام محذوف دلَّ عليه السياق وتقديره: فأرسلوه فانطلق الساقي إلى السجن ودخل على يوسف وقال له: يا يوسف يا أيها الصِّديق وسمّاه صديقاً لأنه كان قد جرب صدقه في تعبير الرؤيا التي رآها في السجن، والصدّيق مبالغةٌ من الصدق ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ أي أخبرنا عن