حاجز فهو العرهم. ﴿خَمْطٍ﴾ الخمط: المرُّ البشع، قال الزجاج: كل نبتٍ فيه مرارةٌ لا يمكن أكله فهو خمط، وقال المبرد: هو كل ما تغيَّر إلى ما لا يُشتهى، واللبنُ إذا حمض فهو خمط. ﴿أَثْلٍ﴾ الأثل: شجر لا ثمر له، قال الفراء: وهو شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه طولاً ومنه اتخذ منبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والواحدة أثلة. ﴿سِدْرٍ﴾ قال الفراء: هو السَّرو، وقال الأزهري: السدر نوعان: سدر لا ينتفع به ولا يصلح ورقه للغسول وله ثمرة عصفة لا تؤكل، وسدر ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول. ﴿ظَهِيرٍ﴾ معين. ﴿الفتاح﴾ القاضي والحاكم بالحق.
التفسِير: ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ﴾ اللام موطئة للقسم أي والله لقد كان لقوم سبإ في موضع سكانهم باليمن آية عظيمة دالة على الله جل وعلا وعلى قدرته على مجازات المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، فإن قوم سبإ لما كفروا نعمة الله خرَّ الله ملكهم، وشتَّت شملهم، ومزَّقهم شرَّ ممزَّق، وجعلهم عبرةً لمن يعتبر، ثم بيَّن تعالى وجه تلك النعمة فقال: ﴿جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ﴾ أي حديقتان عظيمتان فيهما من كل أنواع الفواكه والثمار عن يمين الوادي بساتين ناضرة، وعن شماله كذلك، قال قتادة: كانت بساتينهم ذات أشجار وثمار، تسرُّ الناس بظلالها، وكانت المرأة تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مِكْتل أو زنبيل، فيتساقط من الأشجار ما يملؤه من غير كلفةٍ ولا قطاف لكثرته ونضجه وقال البيضاوي: ولم يُرد بستانين اثنين فحسب، بل أراد جماعتين من البساتين، جماعة عن يمين بلدهم، وجماعة عن شماله سميت كل جماعة منها جنة لكونها في تقاربها وتضامها كأنها جنة واحدة ﴿كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ واشكروا لَهُ﴾ أي وقلنا لهم على لسان الرسل: كلوا من فضل الله وإنعامه واشكروا ربكم على هذه النعم ﴿بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ﴾ أي هذه بلدتكم التي تسكنونها بلدةٌ طيبة، كريمة التربة، حسنة الهواء، كثيرة الخيرات، وربكم الذي رزقكم وأمركم بشكره ربٌ غفورٌ لمن شكره ﴿فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم﴾ أي فأعرضوا عن طاعة الله وشكره، واتباع أوامر رسله، فأرسلنا عليهم السيل المدمّر المخرب الذي لا يطاق لشدته وكثرته، فغرَّق بساتينهم ودورهم، قال الطبري: وحين أعرضوا عن تصديق الرسل، ثُقب ذلك السدُّ الذي كان يحبس عنهم السيول، ثم فاض الماء على جناتهم فغرَّقها، وخرَّب أرضهم وديارهم ﴿وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ﴾ أي وأبدلناهم بتلك البساتين الغناء، بساتين قاحلة جرداء، ذات أُكل مرٍّ بشع ﴿وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ﴾ وشيء من الأشجار التي لا ينتفع بثمرها كشجر الأثل والسِّدر، قال الرازي: أرسل الله عليهم سيلاً غرَّق أموالهم، وخرَّب دورهم، والخمطُ كلُّ شجرة لها شوك وثمرتها مرة، والأثلُ نوع من الطرفاء، ولا يكون عليه ثمرة إلا في بعض الأوقات، يكونه عليه شيء كالعفص أو أصغر منه في طعمه وطبعه، والسدر معروف وقال فيه: ﴿قَلِيلٍ﴾ لأنه كان أحسن أشجارهم، وقد بيَّن تعالى بالآية طريقة الخراب، وذلك لأن البساتين التي فيها الناس تكون فيها