اللغَة: ﴿زَبَداً﴾ الزبد: الغثاء الذي يحمله السيل ﴿رَّابِياً﴾ عالياً منتفخاً ﴿جُفَآءً﴾ مضمحلاً متلاشياً لا منفعة فيه ولا بقاء له يقال: جفا الماء بالزبد إذا قذفه ورمى به ﴿المهاد﴾ الفِراش وأصله المكان الممهَّد الموطأ للنوم والراحة ﴿وَيَدْرَءُونَ﴾ يدفعون والدرءُ: الدفع ﴿عقبى﴾ العاقبة ويسمى الجزاء على الفعل عقبى لأنه يكون عقب الفعل ﴿عَدْنٍ﴾ استقرار وثبات وخلود يقال: عَدَن بالمكان إذا أقام به ﴿يَبْسُطُ﴾ يوسّع ﴿يَقَدِرُ﴾ يضيّق ﴿مَتَاعٌ﴾ كل شيء يتمتع به إلى أجل ثم ينتهي ويفنى ﴿طوبى﴾ فرحٌ وقرة عين قال الزمخشري: مصدر من طاب كبشرى وزلفى ومعناه أصبتَ خيراً وطيباً ﴿يَيْأَسِ﴾ اليأسُ: القنوط من الشيء ﴿أَمْلَيْتُ﴾ أمهلتُ يقال: أملى الله له إذا أمهله وطوَّل له المدة ﴿وَاقٍ﴾ اسم فاعل من وقى إذا دفع الأذى والضر عنه.
سَبَبُ النزول: قال ابن عباس: نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟ فأنزل الله ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بالرحمن قُلْ هُوَ رَبِّي لا إله إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾.
التفسِير: ﴿أَنَزَلَ مِنَ السمآء مَآءً﴾ أي أنزل تعالى من السماء مطراً ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ أي فجرت مياه الأودية بمقدار سعتها كل بحَسَبه، فالكبير بمقدار كبره، والصغير بمقدار صغره ﴿فاحتمل السيل زَبَداً رَّابِياً﴾ أي حمل السيل الذي حدث من الأمطار زبداً عالياً فوقه وهو ما يحمله السيل من غثاء، ورغوة تظهر على وجه الماء قال الطبري: هذا مثلٌ ضربه الله للحق والباطل، والإيمان والكفر، فمثل الحق في ثباته، والباطل في اضمحلاله، مثلُ الماء الذي أنزله الله من السماء إلى الأرض، فاحتمل السيل زبداً عالياً، فالحق هو الماء الباقي الذي يمكث في الأرض، والزبد الذي لا يُنتفع به هو الباطل، وهذا أحد مثلي الحق والباطل، والمثل الآخر قوله تعالى ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النار ابتغآء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ﴾ أي ومن الذي يوقد عليه الناس من المعادن كالذهب والفضة والنحاس، مما يُسبك في النار طلب الزينةِ أو الأشياء التي يُنتفع بها كالأواني زبدٌ مثل زبد السيل، لا يُنْتفع به كما لا يُنْتفع بَزَبد السيل ﴿كذلك يَضْرِبُ الله الحق والباطل﴾ أي كذلك يضرب الله المَثَل للحق والمَثَل للباطل، فمثلُ الحق في ثباته واستقراره كمثل الماء الصافي الذي يستقر في الأرض فينتفع منه الناس، ومثل الباطل في زواله واضمحلاله كمثل الزبد والغثاء الذي يقذف به الماء يتلاشى ويضمحل ﴿فَأَمَّا الزبد فَيَذْهَبُ جُفَآءً﴾ أي فأما الزبد الذي لا خير فيه مما يطفو على وجه الماء والمعادن فإنه يرمي به السيل ويقذفه ويتفرق ويتمزّق ويذهب في جانبَي الوادي ﴿وَأَمَّا مَا يَنفَعُ الناس فَيَمْكُثُ فِي الأرض﴾ أي وأمّا ما ينتفع الناس به الماء الصافي، والمعدن الخالص فيبقى ويثبت في الأرض ﴿كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال﴾ أي مِثْلَ المَثَلين السابقين يبيّن الله الأمثال