العاملين ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة﴾ أي لا يتساوى فعل الحنسة مع فعل السيئة، بل بينهما فرقٌ عظيم في الجزاء وحسن العاقبة ﴿ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أي ادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن، مثل أن تدفع الغضب بالصبر، والجهل بالحلم، والإِسارة بالعفو قال ابن عباس: ادفع بحلمك جهل من جهل عليك ﴿فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ أي فإذا فعلت ذلك صار عدوك كالصديق القريب، الخالص الصداقة في مودته ومحبته لك ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ﴾ أي وما ينال هذه المنزلة الرفيعة، والخصلة الحميدة، إلاّ من جاهد نفسه بكظم الغيظ واحتمال ُالأذى ﴿وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ أي وما يصل إليها وينالها إلا وينالها إلا ذو نصيب وافر من السعادة واحتمال والخير ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله﴾ أي وإن وسوس إليك الشيطان بترك ما أُمرت به من الدفع بالتي هي أحسن، وأراد أن يحملك على البطش والانتقام، فاستعذ بالله من كيده وشره ﴿إِنَّهُ هُوَ السميع العليم﴾ أي هو السميع لأقوال العباد، العليم بأفعالهم وأحوالهم، ثم ذكر تعالى دلائل قدرته الباهرة، وحكمته البالغة فقال ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر﴾ أي ومن علاماته الدالة على وحدانيته وقدرته تعاقب الليل والنهار، وتذليل الشمس والقمر، مسخَّرين لمصالح البشر ﴿لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسجدوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ﴾ أي لا تسجدوا للمخلوق واسجدوا للخالق، الذي خلق هذه الأشياء وأبدعها ﴿إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ أي إن كنتم تفردونه بالعبادة فلا تسجدوا لأحدٍ سواه ﴿فَإِنِ استكبروا﴾ أي فإِن استكبر الكفار عن السجود لله ﴿فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار﴾ أي فالملائكة الأبرار يعبدونه بالليل والنهار ﴿وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ﴾ أي لا يملّون عبادته.