اللغَة: ﴿سَوَّلَ﴾ زيَّن وسهَّل ﴿أَضْغَانَهُمْ﴾ أحقادهم الدفينة قال الجوهري: الضغنُ والضغينة: الحقد، وتضاغن القوم أبطنوا على الأحقاد ﴿سِيمَاهُمْ﴾ علامتهم ﴿السلم﴾ الصلح الموادعة ﴿يُحْفِكُمْ﴾ يلحُّ عليكم يقال: أحفى بالمسألة وألحف وألحَّ بمعنى واحد ﴿يَتِرَكُمْ﴾ ينقصكم يقال: وتره حقه أي نقصه.
التفسِير: ﴿وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ﴾ أي ويقول المؤمنون المخصلون شوقاً إلى الجهاد وحرصاً على ثوابه: هلاَّ أنزلت سورة فيها الأمر بالجهاد ﴿فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القتال﴾ أي فإِذا أنزلت سورة صريحةٌ ظاهرة الدلالة على الأمر بالقتال قال القرطبي: ﴿مُّحْكَمَةٌ﴾ أي لم تنسخ وقد قال قتادة: كل سورة ذكر فيها الجهاد فيه محكمة، وهي أشد القرآن على المناقين ﴿رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ أي رأيت المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت﴾ أي ينظرون إِليك يا محمد تشخص أبصارهم جنباً وهلعاً، كما ينظر من أصابته الغشية من حلول الموت ﴿فأولى لَهُمْ﴾ أي فويلٌ لهم قال في التسهيل: وهي كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم كقوله تعالى ﴿أولى لَكَ فأولى﴾ [القيامة: ٣٥] ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ مبتدأٌ محذوف الخبر أي طاعةٌ لك يا محمد، وقولٌ جميلٌ طيبٌ خيرٌ لهم وأفضل وأحسن، قال الرازي: وهو كلام مستأنف محذوف الخير تقديره خيرٌ له أي أحسن وأمثل، وإِنما جاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة ويدل عليه قوله ﴿وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ كأنه قال: طاعة مخلصة، وقولٌ معروفٌ خيرٌ لهم ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأمر﴾ أي فإذا جدَّ الجِدذُ وفُرض القتال ﴿فَلَوْ صَدَقُواْ الله لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ أي فلو أخلصوا نياتهم وجاهدوا بصدقٍ ويقين لكان ذلك خيراً لهم من التقاعس والعصيان، والجملةُ جواب الشرط ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ﴾ أي فلعلَّكم إِن أعرضتم عن الإِسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية، من الإِفساد في الأرض بالمعاصي، وقطع الأرحام! ﴿قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن كتاب الله، ألم يسفكوا الدم الحرام، ويقطعوا الأرحام، ويعصوا الرحمن؟﴾ قال أبو حيان: يريد ما جرى من الفترة بعد زمان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله﴾ أي طردهم وأبعدهم من رحمته ﴿فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ﴾ أي فأصمهم عن استماع الحق، وأعملى قلوبهم عن طريق الهدى فلا يهتدون إلى سبي الرشاد قال القرطبي: أخبر تعالى أن من فعل ذلك حقت عليه اللغنة، وسلبه الانتفاع بسمعه وبصره، حتى لاينقاد للحق وإِن سمعه، فجعله كالبهيمة التي لا تعقل ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن﴾ ؟ الاستفهام توبيخي أي أفلا يتفهمون القرآن