المنَاسَبَة: لمّا حكى تعالى في الآيات السابقة إِنكار المشركين للبعث، وأقام الأدلة والبراهين على البعث والنشور، ذكر هنا الأهوال والشدائد التي يلقاها الكافر في الآخرة، والنعيم الذي أعدَّه للمؤمنين الأبرار في الجنة، وختم السورة الكريمة ببيان السورة الكريمة ببيان دلائل البعث وأحواله وأطواره.
اللغَة: ﴿وَأُزْلِفَتِ﴾ قُربت يقال: زلف يزلف أي قرب، وأزلفه قرَّبه ﴿أَوَّابٍ﴾ رجَّاع إلى الله من آب يئوب أوباً إِذا رجع ﴿بَطْشاً﴾ البطش: الأخذ بالشدة والعنف ﴿نَقَّبُواْ﴾ طوَّفوا وساروا وأصل التنقيب التنفقير عن الشيء والبحث عنه قال الشاعر:

نقَّبوا في البلاد من حذ الموت وجالوا في الأرض كلَّ مجال
﴿مَّحِيصٍ﴾ مفر ومهرب من حاص يحيص حيصاً إِذا أراد الهرب ﴿لُّغُوبٍ﴾ تعب.
سَبَبُ النّزول: عن قتادة أن اليهود قالوا إِن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة، وأنه تعب فاستراح يوم السبت وسمَّوه يوم الراحة فكذبهم تعالى فيما قالوا فنزلت ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾.
التفسِير: ﴿وَقَالَ قَرِينُهُ هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾ أي وقال الملك الموكل به، هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرتُ ديوان عمله ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ أي يقول تعالى للملكين «السائق والشهيد» إقذفا في جهنم كلَّ كافر معاند للحقِّ لا يؤمن بيوم الحساب ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ أي مبالغ في المنع لكل حقٍّ واجب عليه في ماله ﴿مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ﴾ أي ظالم غاشم شاكٍ في الدين ﴿الذي جَعَلَ مَعَ الله إلها آخَرَ﴾ أي أشرك بالله ولمن يؤمن بوحدانيته ﴿فَأَلْقِيَاهُ فِي العذاب الشديد﴾ أي فألقياه في نار جنهم، وكرر اللفظ ﴿فَأَلْقِيَاهُ﴾ للتوكيد ﴿قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ﴾ أي قال قرينه وهو الشيطان المقيَّض له ربنا ما أضللتُه ﴿ولكن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ﴾ أي ولكنَّه ضلَّ باختياره، وآثر العمى على الهدى من غير إِكراهٍ أو إجبار، وفي الآية محذوفٌ دل عليه السياق كأن الكافر قال يا رب إِن شيطاني


الصفحة التالية
Icon