للأنام بانتقام الله من أعدائه وأعداء رسله، ثم ذكر دلائل القدرة والوحدانية، وختم السورة الكريمة بإِنذار المكذبين الضالين.
اللغَة: ﴿نَبَذْنَاهُمْ﴾ طرحناهم ﴿اليم﴾ البحر ﴿مُلِيمٌ﴾ آتٍ بما يلام عليه ﴿الرميم﴾ الشيء الهالك البالي قال الزجاج: الرميمُ: الورق الجاف المتحطم مثل الهشيم، ورمَّ العظم إِذا بلي فهو رِمَّة ورميم قال جرير يرثي ابنه:
تركْتني حين كفَّ الدهر من بصري | وإِذْ بقيتُ كعظم الرمَّة البالي |
التفِسير: ﴿وَفِي موسى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إلى فِرْعَوْنَ﴾ أي وجعلنا في قصة موسى أيضاً أيةً وعبرة وقت إِرسالنا له إِلى فرعون ﴿بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ أي بحجة واضحة ودليلٍ باهر ﴿فتولى بِرُكْنِهِ﴾ أي فأعرض عن الإِيمان بموسى بجموعه وأجناده، وقوته وسلطانه قال مجاهد: تعزَّز عدوٌّ الله بأصحابه والغرض أن فرعون أعرض عن الإِيمان بسبب ما كان يتقوى به من جنوده لأنهم كانوا له كالركن الذي يعتمد عليه البنيان ﴿وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ أي وقال اللعين في شأن موسى إنه ساحرٌ ولذلك أتى بهذه الخوارق، أو مجنون ولذلك أدَّعى الرسالة، وإِنما قال ذلك تمويهاً على قومه لا شكاً منه في صدق موسى ﴿فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ﴾ أي فأخذنا فرعون مع أصحابه وجنوده ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليم﴾ أي فطرحناهم في البحر لما أغضبونا وكذبوا رسولنا ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ﴾ أي وهو آتٍ بم يلام عليه من الكفر والطغيان.. ثم لما انتهى من قصة فرعون أعقبها بذكر قصة عاد فقال ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الريح العقيم﴾ أي وجعلنا في قصة عاد كذلك آية لمن تأمر حين أرسلنا عليهم الريح المدمرة، التي لا خير فيها ولا بركة، لأنها لا تحمل المطر ولا تلقّح الشجر، وإِنما هي للإِهلاك، وهي الريح التي تسمَّى الدبور وفي الصحيح «نُصرت بالصبا وأُهلكت عادٌ بالدَّبور» قال المفسرون: سميت ﴿الريح العقيم﴾ تشبيهاً لهم بعقم المرأة الي لا تحمل ولا تلد، ولما كانتم هذه الريح لا تلقح سحاباً ولا شجراً، ولا خير فيها ولا بركة لأنه لا تحمل المطر شبهت بالمرأة العقيم ﴿مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ﴾ أي ما تترك شيئاً مرَّت عليه في طريقها مما أراد الله تدميره وإِهلاكه ﴿إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم﴾ إي إلا جعلته كالهشيم المتفتت البالي قال ابن عباس: ﴿الرميم﴾ الشيء الهالك البالي وقال السدي: هو التراب والرماد المدقوق كقوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥] قال المفسرون: