المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى أوصاف المؤمنين الصادقين، أعقبه بذكر أوصاف المنافقين المخادعين، الذين تركوا نصرة المؤمنين وصادقوا اليهود وحالفوهم على حرب المسلمين، ثم ذكر البون الشاسع بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، وأنهم لا يستوون في الحال ولا المآل، وختم السورة الكريمة بذكر بعض أسماء الله الحسنى، وصفاته العليا.
اللغَة: ﴿شتى﴾ متفرقة تشتَّت جمعهم أي تفرق ﴿خَاشِعاً﴾ ذليلاً خاضعاً ﴿مُّتَصَدِّعاً﴾ مشتققاً تصدَّع البنيان أي تشقق ﴿القدوس﴾ المنزَّه عن كل نقص وعيب ﴿المؤمن﴾ المصدّق لرسله بالمعجزات ﴿المهيمن﴾ الرقيب على كل شيء ﴿العزيز﴾ القويُ الغالب ﴿الجبار﴾ العظيم القاهر، صاحب العظمة والجبروت ﴿المتكبر﴾ المبالغ في الكبرياء والعظمة ﴿البارىء﴾ المبدع المخترع ﴿المصور﴾ خالق الصور.
التفسِير: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نَافَقُواْ﴾ تعجيبٌ من الله تعالى لرسوله من حال المنافقين أي ألا تعجب يا محمد من شأن هؤلاء المنافقين الذين أظهروا خلاف ما أضمروا؟ ﴿يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب﴾ أي يقولون ليهود بني قريظة والنضير الذين كفروا برسالة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ﴿لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ﴾ أي لئن أخرجتم من المدينة لنخرجنَّ معكم منها قال في التسهيل: نزلت في عبد الله بن أُبي بن سلول وقوم من المنافقين، بعثوا إِلى بني النضير وقالوا لهم: اثبتوا في حصونكم فإِنا معكم كيف ما تقلبت حالكم، وإِنما جعل المنافقين إِخوانهم لأنهم كفار مثلهم ﴿وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً﴾ أي ولا نطيع أمر محمد في قتالكم، ولا نسمع من أحدٍ إِذا أمرنا بخذلانكم ﴿وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ﴾ أي ولئن قاتلكم أحد لنعاوننكم على عدوكم ونكون بجانبكم ﴿والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ أي والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما قالوه ووعدوهم به.. ثم أخبر الله عن حال المنافقين بالتفصيل فقال ﴿لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ﴾ أي لئن أخرج اليهود لا يخرج المنافقون معهم ﴿وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ﴾ أي ولئن قوتل اليهود لا ينصرهم المنافقون ولا يقاتلون معهم قال القرطبي: وفي هذات دليل على صحة نبوَّة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من جهة أمر الغيب، لأنه أُخرجوا فلم يخرجوا معهم، وقوتلوا فلم ينصروهم كما أخبر عنه القرآن ﴿وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأدبار ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ﴾ أي ولئن جاءوا لنصرتهم وقاتلوا معهم على سبيل الفرض والتقدير فسوف ينهزمون، ثم لا ينفعهم نصرة المنافقين قال الإِمام الفخر: أخبر تعالى أن هؤلاء اليهود لئن أخرجوا فإِن المنافقين لا يخرجون معهم وقد كان الامر كذلك، فإِن بن النضير لما أُخرجوا لم يخرج معهم المنافقون وقُوتلوا كذلك فما نصروهم وأما قوله تعالى ﴿وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ﴾ لهذا على سبيل الفرض والتقدير أي بتقدير أنهم أرادوا نصرتهم لا بدَّ وأ، يتركوا تلك النصرة وينهزموا {لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي