زنيمٌ ليس يُعرف من أبوه بغيُّ الأم ذو حَسبٍ لئيم
﴿صَارِمِينَ﴾ صرم الشيء قطعه، وصرم النخلة قطع ثمرها ﴿حَرْدٍ﴾ قصد وعزم ﴿زَعِيمٌ﴾ كفيل وضمين ﴿مَكْظُومٌ﴾ مملوءٌ غيظاً وغماً.
التفسِير: ﴿ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ نون حرف من الحروف المقطعة، ذكر للتنبيه على إِعجاز القرآن.. أقسم تعالى بالقلم الذي يكتب الناس به العلوم والمعارف، فإِن القلم أخو اللسان ونعمة من الرحمن على عباده والمعنى: أُقسم بالقلم وما يكتبه الكاتبون على صدق محمد وسلامته مما نسبه إِليه المجرمون من السفه والجنون، وفي القسم بالقلم والكتابة إِشادة بفضل الكتابة والقراءة، فالإِنسان من بين سائر المخلوقات خصه الله بمعرفة الكتابة ليفصح عما في ضميره ﴿الذى عَلَّمَ بالقلم عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: ٤٥] وحسبك دليلاً على شرف القلم أن الله أقسم به في هذه السورة تمجيداً لشأن الكتابين، ورفعاً من قدر أهل العلم، ففي القلم البيان كما في اللسان، وبه قوام العلوم والمعارف قال ابن كثير: والظاهر من قوله تعالى ﴿والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ﴾ أنه جنس من القلم الذي يكتب به، وهو قسم منه تعالى لتنبيه خلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ﴿مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ أي لست يا محمد بفضل الله وإنعامه عليك بالنبوة بمجنون، كما يقول الجهلة المجرمون، فأنت بحمد الله عاقل لا كما قالوا ﴿ياأيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ﴾ [الحجر: ٦] قال ابن عطية: هذا جواب القسم، وقوله ﴿بِنِعْمَةِ رَبِّكَ﴾ اعتراض كما تقول للإِنسان: أنت بحمد الله فاضل ﴿وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ﴾ أي وإنّ لك لثوابا على ما تحملت من الأذى في سبيل تبليغ دعوة الله غير مقطوع ولا منقوص ﴿وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ أي وإِنك يا محمد لعلى أدب رفيع جم وخلق فاضل كريم، فقد جمع الله فيك الفضائل والكمالات.. يا له من شرف عظيم، لم يدرك شأوه بشر، فرب العزة جل علا يصف محمداً بهذا الوصف الجليل ﴿وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ وقد كان من خلقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ العلم والحلم، وشد الحياء، وكثرة العبادة والسخاء، والصبر والشكر، والتواضع والزهد، والرحمة والشفقة، وحسن المعاشرة والأدب، إلى غير ذلك من الخلال


الصفحة التالية
Icon