يجتنى من الثمر ويقطف ﴿غِسْلِينٍ﴾ صديد أهل النار قال الكلبي: هو ما يسيل من أهل النار من القيح والصديد والدم إذا عذبوا فهو ﴿غِسْلِينٍ﴾ فعلين من الغسل ﴿الوتين﴾ عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه ويسمى الأبهر وفي الحديث «ما زالت أكلةُ خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري» ﴿حَسْرَةٌ﴾ ندامة عظيمة.
التفسير: ﴿الحاقة﴾ اسم للقيامة سميت بذلك لتحقق وقوعها، فهي حقٌ قاطع، وأمر واقع، لا شك فيه ولا جدال ﴿مَا الحآقة﴾ ؟ التكرار لتفخيم شأنها، وتعظيم أمرها، وكان الأصل أن يقال: ما هي؟ ولكنه وضع الظاهر موضع الضمير زيادة في التعظيم والتهويل ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحاقة﴾ ؟ وما أعلمك يا محمد ما هي القيامة؟ إنك لا تعلمها إذ لم تعاينها، ولم تر ما فيها من الأهوال، فإِنها من العظم والشدة بحيث لا يحيط بها وصف ولا خيال، وهذا على طريقة العرب فإنهم إِذا أرادوا تشويق المخاطب لأمرٍ أتوا بصغية الاستفهام يقولن: أتدري ماذا حدث؟ والآية من هذا القبيل زيادة في التعظيم والتهويل كأنه قال: إِنها شيء مريع وخطب فظيع.. ثم بعد أن عظَّم أمرها وفخَم شأنها، ذكر من كذَّب بها وما حلَّ بهم بسبب التكذيب، تذكيراً لكفار مكة وتخويفاً لهم فقال ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة﴾ أي كذب قوم صالح، وقوم هود بالقيامة، التي تقرع القلوب بأهوالها ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية﴾ أي فأمَّا ثمود قوم صالح فأُهلكوا بالصيحة المدمرة، التي جاوزت الحدَّ في الشدة قال قتادة: هي الصيحة التي خرجت عن حدِّ كل صيحة ﴿وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ﴾ أي وأما قوم هود فأُهلكوا بالريح العاصفة ذات الصوت الشديد وهي الدَّبور وفي الحديث «نصرتُ بالصبا، وأُهلكت عادٌ بالدَّبور» ﴿عَاتِيَةٍ﴾ أي متجاوزة الحدَّ في الهبوب والبرودة، كأنها عتت على خزانها فلم يتمكنوا من ضبطها، قال ابن عباس: ما أرسل الله من ريح قط إِلا بمكيال، ولا أنزل قطرة قطُّ إِلا بمكيال، إِلا يوم نوحِ ويوم عاد، فإِن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيل ثم قرأ ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً﴾ أي سلطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيام متتابعة لا تفتر ولا تنقطع ﴿فَتَرَى القوم فِيهَا صرعى﴾ أي فترى أيها المخاطب القوم في منازلهم موتى، لا حراك بهم ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ أي كأنهم أصول نخلٍ متآكلة الأجواف قال المفسرون: كانت الريح تقطع رؤوسهم كما تقطع رءوس النخل، وتدخلْ من أفواههم وتخرج من أدبارهم حتى تصرعهم، فيصبحوا كالنخلة الخاوية الجوف {