عن القلب والمعنى وقلبك فطهر من الإِثم والمعاصي واستشهد بقول غيلان

وإني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع
يقول العرب: فلان طاهر الثياب أو نقي الثياب، يريدون وصفه بالنقاء من المعايب وذميم الصفات، ويقولون: فلان دنس الثياب إذا كان موصوفاً بالأخلاق الذميمة قال الرازي: والسبب في حسن هذه الكناية، أن الثوب كالشيء الملازم للإِنسان، فلهذا السبب جعلوا الثوب كناية عن الإِنسان، فقالوا: المجدُ في ثوبه، والعفة في إزاره ﴿والرجز فاهجر﴾ أي اترك عبادة الأصنام والأوثان ولا تقربها قال ابن زيد: الرجز: الآلهة التي كانوا يعبدونها، فأمره أن يهجرها فلا يأتيها ولا يقربها وقال الإِمام الفخر: الرجز: اسم للقبيح المستقذر كالرجس قال تعالى ﴿فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان﴾ [الحج: ٣٠] وقوله ﴿والرجز فاهجر﴾ كلام جامع لمكارم الأخلاق، كأنه قيل له: اهجر الجفاء، والسفه، وكل قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين، والمراد بالهجر الأمر بالمداومة على ذلك الهجران، كما يقول المسلم: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [الفاتحة: ٦] ليس معناه أنه ليس على الهداية، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية ﴿وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾ أي ولا تعط الناس عطاء وتستكثره، لأن الكريم يستقل ما يعطي وإن كان كثيراً، واعط عطاء من لا يخاف الفقر وقال ابن عباس: لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها بمعنى: لا تعط شيئاً لتعطى أكثر منه، وسر النهي أن يكون العطاء خالياً عن انتظار العوض تعففاً وكمالاً، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق ﴿وَلِرَبِّكَ فاصبر﴾ أي اصبر على أذى قومك، ابتغاء وجه ربك.. ثم أخبر تعالى هن أهوال القيامة وشدائدها فقال: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور﴾ أي فإِذا نفخ في الصور، نفخة البعث والنشور، وعبر عن النفخ وعن الصور، بالنقر في الناقور لبيان هول الأمر وشدته، فإن النفر في كلام العرب معناه الصوت وإذا اشتد الصوت أصبح مفزعاً فكأنه يقول: إصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم هائل يلقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى عاقبة صبرك، ولهذا قال بعده ﴿فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ﴾ أي فذلك اليوم يوم شديد هائل، يشتد فيه الهول ويعسر الأمر عليهم، والإِشارة بالبعيد ﴿فَذَلِكَ﴾ للإِيذان ببعد منزلته في الهول والفظاعة ﴿عَلَى الكافرين غَيْرُ يَسِيرٍ﴾ أي هو عسير على الكافرين، غير هين ولا يسير عليهم، لأنهم ينشاقون الحساب، وتسود وجوههم، ويحشرون زرقاً، ويفتضحون على رءوس الأشهاد، قال الصاوي: ودلت الآية على أنه يسير على المؤمنين، لأنه قيد عسرة بالكافرين، وفيها زيادة وعيد وغيظ للكافرين، وبشرى وتسلية للمؤمنين.
. ثم أخبر عن قصة ذلك الشقي الكافر «الوليد بن المغيرة» وقوله الشنيع في القرآن فقال ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً﴾ أي دعني يا محمد وهذا الشقي، الذي خلقته في بطن أُمه وحيداً فريداً، لا ما له ولا ولاد، ولا حول له ولا مدد، ثم


الصفحة التالية
Icon