فيه إلى العرف وكذلك قوله تعالى في سورة النساء
﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩] وفي سورة البقرة ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، فرد الله الزوجين في عشرتهما وأداء حق كل منهما على الآخر على المعروف المتعارف عند الناس في قطرك، وبلدك وحالك.
وذلك يختلف اختلافاً عظيماً، لا يمكن إحصاؤه عداً.
فدخل ذلك كله في هذه النصوص المختصرة، وهذا من آيات القرآن وبراهين صدقه.
وقال تعالى في سورة الأعراف ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا﴾ [الأعراف: ٣١] ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً﴾ [الأعراف: ٢٦] فقد أباح لعباده الأكل والشرب واللباس، ولم يعين شيئاً من الطعام والشراب واللباس، وهو يعلم أن هذه الأمور تختلف باختلاف الأحوال، فيتعلق بها أمره حيث كانت، ولا ينظر إلى ما كان موجوداً منها وقت نزول القرآن فقط.
وكذلك قوله في سورة الأنفال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠] ومن المعلوم: أن السلاح والقوة الموجودة وقت نزول القرآن غير نوع القوة التي وجدت بعد ذلك.
فهذا النص يتناول كل ما يستطاع من القوة في كل وقت وبما يناسبه ويليق به.
وكذلك لما قال تعالى في سورة النساء: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] لم يعين لنا نوعاً من التجارة ولا جنساً، ولم يحدد لنا ألفاظاً يحصل بها الرضى، وهذا يدل على أن الله أباح كل ما عد تجارة ما لم ينه عنه الشارع، وأن ما حصل به الرضى من الأقوال والأفعال انعقدت به التجارة، فما حقق الرضى من قول أو فعل، انعقدت به المعاوضات والتبرعات.
وفي القرآن من هذا النوع شيء كثير.