حَدَّثَنَا أَبُو مَعْنٍ، حَدَّثَنَا وَهَبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثْنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي قَوْلِهِ: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) قَالَ
هَذِهِ الْآيَةُ تَأْتِي عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ.
وَقَدْ حَكَى ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْقَوْلَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ فَقَالَ: " وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ النَّارِ وَكُلَّ مَنْ دَخَلَهَا، ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ " ثُمَّ ذَكَرَ الْآثَارَ الَّتِي نَذْكُرُهَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا ابْنُ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ أَوْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ تَأْتِي عَلَى الْقُرْآنِ كُلِّهِ. يَقُولُ: حَيْثُ كَانَ فِي الْقُرْآنِ (خَالِدِينَ فِيهَا) تَأْتِي عَلَيْهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا مِجْلِزٍ يَقُولُ: هُوَ جَزَاؤُهُ، فَإِنْ شَاءَ اللهُ تَجَاوَزَ عَنْ عَذَابِهِ، وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثْنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فَذَكَرَهُ. قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنِ الْمُسَيَّبِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) قَالَ: لَا يَمُوتُونَ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ، قَالَ: اسْتَثْنَى اللهُ: قَالَ أَمَرَ اللهُ النَّارَ أَنْ تَأْكُلَهُمْ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَيَأْتِيَنَّ عَلَى جَهَنَّمَ زَمَانٌ تَخْفِقُ أَبْوَابُهَا لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ بَعْدَ مَا يَلْبَثُونَ فِيهَا أَحْقَابًا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ بَيْسَانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَهَنَّمُ أَسْرَعُ الدَّارَيْنِ عُمْرَانًا وَأَسْرَعُهُمَا خَرَابًا. وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي ذَلِكَ قَوْلًا آخَرَ فَقَالَ: وَقَالَ آخَرُونَ: أَخْبَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَشِيئَتِهِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَعَرَفْنَا مَعَنَى ثُنْيَاهُ بِقَوْلِهِ: (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (١١: ١٠٨) وَأَنَّهَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مِقْدَارِ مُدَّةِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قَالُوا: وَلَمْ يُخْبِرْنَا بِمَشِيئَتِهِ فِي أَهْلِ النَّارِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ مَشِيئَتُهُ فِي الزِّيَادَةِ وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ فِي النُّقْصَانِ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) فَقَالَ: أَخْبَرَنَا بِالَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) وَلَمْ يُخْبِرْنَا بِالَّذِي يَشَاءُ لِأَهْلِ النَّارِ.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثْنَا جُبَيْرُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْوَانَ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا أَبُو خُلَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، يَعْنِي الثَّوْرِيَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) (١١: ١٠٦، ١٠٧) قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يُخْرِجَ أُنَاسًا مِنَ الَّذِينَ شَقُوا مِنَ النَّارِ فَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ فَعَلَ " وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا هُوَ لِلْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ بَعْدَ دُخُولِهَا: خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا
يَدُلُّ عَلَى إِخْرَاجِ بَعْضِهِمْ مِنَ النَّارِ وَهَذَا حَقٌّ بِلَا رَيْبٍ، وَهُوَ لَا يَنْفِي انْقِطَاعَهَا وَفَنَاءَ عَذَابِهَا وَأَكْلَهَا لِمَنْ فِيهَا وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ