التفسير
١٤ - ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ... ﴾ الآية.
بعد أن توعد الله الكافرين بالهزيمة من المؤمنين، وآذنهم بوجوب الاعتبار بما أصاب المشركين يوم بدر، بسبب كفرهم - مع كثرة ووفرة عدتهم من المؤمنين مع قلتهم وضعف استعدادهم أتبعه التنفير من زينة الدنيا الفانية - إذا صرفت عن الله - والحثَّ على العمل للآخرة، فإنها خير وأبقى. فذكر الله - سبحانه - هذه الآية الكريمة.
والمزَيِّن لحب الشهوات، هو الله تعالى كما روى عن عمر بن الخطاب.
والمراد من تزيين الله حب المشتهيات الدنيوية: أن جعلها حسناء، ترغب فيها النفوس لحسنها، وتميل لحيازتها والتمتع بها. ولذا، أحب الرجال النساء ليتزوجوهن، وأحبوا البنين ليعاونوهم ويرثوهم، وأحبوا المال لأَنَّ به قضاءَ المصالح، وأحبوا الخيل والأنعام للزينة وحمل المتاع وغير ذلك. ولولا أن الله أعطى هذه الحياة الدنيا: أسباب الحسن والجمال وجعلها أساسًا للمنافع - لما تزينت ولما تحسنت لهم، ولأعرضوا عنها، كما يعرضون عما ليس فيه جمال ولا منفعة، كالحيوانات الضارة، أو ضئيلة النفع.
وكما زيَّنها وحسَّنها لهم، حذرهم من فتنتها، والركون إليها، والاغترار بها. كما يشير إليه آخر الآية، وكقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ (١). وغير ذلك.
وقيل المزيِّن: الشيطان. وتزيينه حب الشهوات: حضه على الرغبة في ارتكاب المحرمات منها.
ويؤيد هذا قوله تعالى: "وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ" (٢).
وقيل غير ذلك:
(٢) النحل: من الآية ٢٤.