وقال بعضهم في أحاديثهم عنه: إنه اساطير الأَولين. وزعم آخرون: انه. سحر.
تخبُّطٌ منهم ناشئ عن إصرارهم على الكفر. فهم يلتمسون العلل الباطلة لبقائهم على دينهم، ولحمل المؤمنين على ترك الإِسلام. فلا جرم ان تنزل هذه الآية لتحديهم فيما زعموه، حتى إِذا ما عجزوا، وجب اعترافهم بأن القرآن من عند الله، وأَن المنزل عليه هو نبى الله ورسوله. إذ المراد بعبدنا، هو النبي محمد - ﷺ - مأخوذ من معنى التعبد، وهو التذلل والخضوع لمالِكِه وخالقه.
وإضافة عبد إلى ضميره تعالى، للتنويه بشأْن هذا النبي. والتعبير بكلمة ﴿نَزَّلْناَ﴾
المفيدة للتكرار دون ﴿أَنزَلْنا﴾ منظور فيه لحالة نزول القرآن مفرقا حسب الوقائع. وكان
ذلك موضع اعتراضهم كما تقدم. وجواب الشرط قوله: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾.
والسورة: اسم لطائفة من آيأت القرآن، مأخوذة من سور الدينة، لأَنها محيطة بطائفة من القرآن إِحاطة سور المدينة بما فيها. والضمير في ﴿مِثْلِهِ﴾ عائد على القرآن.
كما في قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ (١) أَي فأُتوا بسورة مماثلة لسُوَر القرآن فى البلاغة وحسن النظم، وتضمن مصالح الدنيا والآخرة. فإِن رجعنا ضمير (مِثْلِهِ) على النبي - ﷺ - فالمعنى فأتوا بسورة صادرة ممن هو على حاله - صلى الله عليه وسلم- في اللغة، وكونه أُميًّا لم يخالط أَهل الكتاب. وجعل الضمير راجعا إلى القرآن أولى، لتطابق هذه الآية مثيلاتها فى القرآن، كقوله تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ (٢) ولأن الكلام في المنزل، لا فيمن نزل عليه.
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾: أي؛ ادعوا أنصاركم الذين يشهدون أَموركم، ويقدرون الأمر في شئونكم؛ ليكون التحدى - في النهاية- للجميع؛ أو لكي يشهدوا بحال ما جئتم به.
(٢) الإسراء: ٨٨