أو المراد بالشهداءِ، آلهتهم الذين يعبدونهم من. دون الله، فيكون الكلام للتبكيت لهم على اتخاذهم آلهة لا يفقهونا شيئًا.
﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في دعواكم إن القرآن ليس من عند الله، بل من صنع البشر كما زعمتم. وجواب ﴿إن كُنتُمْ﴾ مدلول عليه بقوله: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ﴾.
ومعنى آية التحدى هذه إِجمالا: إن كنتم- أيها الكفرة- صادقين في دعواكم: أَنه من كلام البشر- وأَنتم من البشر- فاتوا بسورة مثل هذا القرآن: في بلاغته وفصاحته، ومعناه وأَحكامه، وقد أُنزل القرآن عربيا، فهو من لغتكم، لا من لغة تجهلونها. والعربية مجال تنافسكم وتسابقكم فى المحافل العربية.
ولو كان مقدورا لهم لفعلوا، ولأذاعوا به، وأَشاعوه، ولم يثبت شىء من ذلك عنهم. وبذلك ثبت عجزهم المطلق. وإذا عجزوا- وهم الفصحاء البلغاء- كان غيرهم أَعجز كما تقدم.
٢٤ - ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا... ﴾ الآية.
إن الشرطية هناءَ مستعملة لليمين، وإن كَان غالب استعمالها للشك، و ﴿لَنْ﴾ في ﴿وَلن تَفْعَلُوا﴾ من الآية إِنما هو لنفي الفعل المستمر فى المستقبل، إِلى الأبد. وذلك من معجزات القرآن، إِذ لم يقع منهم أنهم أتوْا بسورة مثله.
﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾:
أي فارجعوا إلى الصواب، واتقوا عذاب النار التي اعدت وهيئت للكافرين، بتصديقكم أنه من عند الله.
ووصف النار بأَن وقودها ناس وحجارة، مثل قوله: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ (١)