- وإن قل - محضرا أمامها في صحائفها، لتنعم به، "فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (٢١) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ" (١).
وتجد كل نفس أيضا: ما عملته من سوءٍ وشرٍّ في الدنيا، محضرًا يوم القيامة في صحائفها لتساءَ به، وتتمنى حين تراه لو أن بينها وبين ذلك اليوم - أو بينها وبين ما عملته من سوءٍ - أمدًا بعيدًا. والأمد: الغاية والمنتهى. أي تود لو أن بينها وبين يوم القيامة - أو بينها وبين عملها السيء - غاية ونهاية بعيدة.
وذهب بعض العلماء، إلى أن المراد به: المسافة البعيدة. واستظهر ذلك حملا لهذه الآية على قوله تعالى: "يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ... " (٢).
ثم ختم الله الآية، مكررًا ما سبق من التحذير، وواصفًا نفسه الكريمة بالرأفة، فقال:
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ):
أي ويخوفكم الله من نفسه إن خالفتم ما كلفكم به. والله عظيم الرحمة بالعباد، حين نهاهم عن موالاة الكافرين، وحذرهم من عقابه إذا خالفوا أمره، فإنَّ بُعدَهم عن موالاة الكافرين، فيه السلامة لهم، وتحذيرهم من عقابه تعالى، يدفعهم إلى طلب رضاه، واجتناب سخطه.. وكل ذلك رأفة بهم، ورحمة بالغة نافعة لهم.
﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)﴾
التفسير
٣١ - ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾:
سبب النزول والربط:
قال القرطبي: رُوي: أن المسلمين قالوا: يا رسول الله، والله إنا لنُحِبُّ ربنا.. فأنزل الله عز وجل "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ".
(٢) الزخرف: ٣٨.