ويقولون: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾، وقد بيَّنت السنَّة ذلك. فعن ثوبان قال: قال رسول
الله - ﷺ -: "إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أَخرى (١) ".
وقد يقال في معناها: إن ثمر الجنة متشابه فى الصورة والشكل- مع ما كان في الدنيا، فإِذا رأوه قالوا: هذا الذي رزقناه من قبل في الدنيا-، فإذا ما طعموه، أحسوا فرقا شاسعا - في اللذة والطعم- بينه وبين ثمر الدنيا. وإنما جعل ثمر الجنة مشابها - في الصورة- لثمار الدنيا؛ لتميل النفسى إليه حين تراه، فإن الطباع تميل إلى ما تأْلف، ليتبين لها.- بعد تذوِقه- مزيته على ثمار الدنيا: في الطعم واللذة؛ فيقدروا فضل الله عليهم، وقيل في معناه غير ذلك. ئ
﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾: ولأهل الجنة زوجات مطهرة مما يستقذر من نساءَ الدنيا، كالحيض ودنس الطبع، وسوءِ الخلق والأقذار.
والتطهير يستعمل في الأجسام والأخلاق والافعال.
والتعبير بقوله: ﴿مُّطَهَّرَةٌ﴾ يشعر بأَن مُطَهِّرا طَهَّرهن. وهو لا يكون إلا الله-سبحانه وتعالى- أذ خلقهن على هذا النمط من الطهر.
والزوج في الأصل: اسم لما له قرين من جنسه يزاوجه ويثانيه. ويطلق أَيضًا، على الذكر وإلانثى. والقرينة هي التي تعين المراد،
﴿وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: الخلود في الأص ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)﴾ [النساء: ٥٧] ل؛ البقاء المديد، دام أو لم يدم، فإذا أُريد
الدوام قيد بالتأْبيد نحو قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢)﴾
والمرادُ بالخلد هنا: الدوام قطعا، حملا للمطلق هنا على المقيد بالتأْبيد، فى آيأت أُخرى.
فإن قيل: إن الأبدان مركبة من أجزاء متضادة في الكيفية، معرضة إلى الاستحالات المؤدية إلى الانحلال والتفكك. فكيف يمكن الدوام في الجنة؟
(٢) التوبة: ٢٢