والإضلال: خلق الضلال في العبد لسوء اختياره. والهداية: خلق الاهتداءِ فيه لحسن اختياره. والتعبير بصيغتى المضارع ﴿يُضِلُّ﴾ ﴿وَيَهْدِى﴾ لإفادة التجدد المستمر.
وإنما قدم فعل الإضلال على فعل الهداية، ليكون أَول ما يقرع أسماعهم من المجواب أمرا يسوِءهم، ويفت في أعضادهم.
ووصف كل من الفريقين بأَنه كثير، لا ينافى أن أهل الضلال أكثر عددا من أهل الهداية، قال تعالى في المؤمنين: ﴿... وَقَلِيلٌ ماهُمْ... ﴾ (١)، ﴿... وَقَلِيلٌ مِّنْ عِباَدِىَ الشكُوُر﴾ (٢)
وقوله تعالى: ﴿وَماَ يُضِل بِهِ إلاَّ الْفَاسِقِينَ﴾ من تمام الجوابة على استفهامهم، وهو يفيد إلصاق وصف الفسق بهم. والمراد به هنا: الخروج عن الدين.
وإِضلال الله تعالى للفاسقين، لا يعفيهم من أن يتحملوا تبعته، لأن الإنسان إِذا سلك - باختياره الفاسد- طريق الكفر رالفساد، وسار فيه إلى أَقصى نهايته، غير مكترث بالتحذير منه- يتركه الله في ضلالته؛ لأنه سلك سبيلها وأَوغل فيه مختارا ﴿... وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (٣). أَما من اتبع الهدى، ولبس لبوس التقوى، فإن الله تعالى يهديه، ويمكِّن له في هدايته. قال تعالى: ﴿... وَمَن يُؤْمِن الله يَهْدِ قَلْبَهُ... ﴾ (٤).
﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧)﴾.
المفردات:
﴿يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ النقض: فك التركيب، ويكون في الحسيات، كالحبل والبناء. ويسمتعمل في المعافى مجازا، ومنه: نقض العهد هنا.

(١) ص من الآية: ٢٤
(٢) سبإ من الآية: ١٣
(٣) فصلت من الآية: ٤٦
(٤) التغابن من الآية: ١١


الصفحة التالية
Icon