وعهد الله: ما أخذه على العباد من التوحيد والعمل بالشرائع. وميثاقه: توثيقهم العهد وإحكامهم اياه.
التفسير
٢٧ - ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ... ﴾ الآية.
﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ﴾: صفة للفاسقين. وقد وصل ﴿الذين﴾ بثلاث صلات: ﴿يَنقُضُونَ عَهْدَ الله﴾، ﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ﴾، ﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ وهي صفات في المعنى للفاسقين، فكأنه قيل: وما يضل به إلا الفاسقين الناقضين لعهد الله، القاطعين لما أمر الله به أن يوصل، الفسدين في الأرض. وقد جىء بها للذم، وتقرير ما هم عليه من الفسق.
والنقض: حَلُّ المركب. وهو فى الأصل، يستعمل في الحسيات، كنقض الحبل مثلا، وهو فك طياته فيضعف من بعد قوة.
واستعماله في إِبطال العهد -وهو أمر معنوي- تشبيها للعهد بالحبل في الارتباوط. لما فيه من ارتباط أحد كلامى المتعاهدين بالآخر. والميثاق: التوثيق والإحكام.
والمعنى الأجمالى: وينقضون ما عاهدوا الله عليه، من بعد ما وثقوه بالقبول والالتزام، أَو من بعد ما وثقه الله بإِنزال الكتاب وإرسال الرسل وعهد الله الموثق عام لكل عهد مشروع، فيدخل تحته العهد المأخوذ بالعقل، وهو الحجة القائمة لله على عباده، الدالة على وجوده ووحدته وصددتى رسله. وبه أوِّل قو له تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى... (١)﴾ ويشمل عهد الله أيضًا ميثاقه على النبيين: أن يبلغوا أممهم وجوب الإيمان بالرسول. ونصره إذا بعث مصدقا لما معهم. وهو المشار إليه بقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ... ﴾ (٢) كما يشمل توصية للنبيين بقوله: ﴿شرَعَ لَكم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بهِ نُوحًا... ﴾ إلى قوله: ﴿... أنْ أقِيمُوا الدّينَ ولَا تَتًفَرقُوا فِيهِ... ﴾ (٣).

(١) الأعراف من الآية ١٧٣
(٢) آل عمران من الآية: ٨١
(٣) الشورى من الآية: ١٣


الصفحة التالية
Icon