وقوله تعالى: ﴿أوَلئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ إشارة إلى الفاسقين المتصفين بهذه الصفات الذميمة: أي: أُولئك المتصفون بهذه الصفات المنكرة، هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم في ميدان الصالحات، إذ استبدلوا: النقض بالوفاء، والقطع بالوصل، والإفساد بالإصلاح والعقاب بالثواب، والشقاوة بالسعادة، كما خسروا منازلهم في الجنات.
﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٨)﴾
التفسير
٢٨ - ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ... ﴾ الآية.
بعد أن عدَّد الله قبائح الكافرين، توجه إليهم مخاطبا بالإنكار، بأُسلوب يقتضى التعجب من كفرهم، مع وجود النعم التى تقتضى الشكر، بدلا من الكفر!
والإنكار على المخاطب، أبلغ من الإنكار على الغائب، لِمَا فيه من إحضاره إلى ساحة التعنيف مشافهة.
والمعنى: على أي أساس قام كفركم باللهِ تعالى؟ والغرض من هذا الاستفهام نفى أن
يكون لهم مستند سليم، يستند إليه كفرهم باللهِ تعالى، فليس لهم حجة سوى قولهم:
﴿... إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ (١)
فإن آباءهم كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون.
وقوله: ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ إلخ، تعداد للنعم الرادعة عن الكفر، الباعثة على الإيمان، لتشديد الإنكار والتوبيخ على الكافرين.
ومعنى الآية: كيف تكفرون باللهِ، والحال أَن له شئونا معكم. وشئونا في الكون،
تقتضى اختصاص بالأُلوهية دون سواه، فقد كنتم أمواتا أَي مشبهين لهم، إذ كنتم عناصر