فنثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا وقال: ﴿... أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ... ﴾ إلى قوله: ﴿... بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ (١) هذا حديث صحيح الإسناد (٢)
قال أبر السعود رحمه الله: ولعل الله -عز وجل- عرض عليه من أفراد نوع ما يصلح أن يكون نموذجًا: يتعرف منه أحوال البقية وأَحكامها.
﴿فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾: أي قال-تبكيتًا لهم واظهارًا لعجزهم عن اقامة ماعلقوا به رجاءهم من أمر الخلافة- أخبرونى بأسماء هؤلاء فإن تدبير شئون هذاه المسميات موقوف على معرفنها وجميع خواصها وأحوالها، فمن لم يعرفها، لا يصلح للخلافة فيها وولاية أمرها. ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ في زعمكم أَنكم أحقاء بالخلافة ممن أَستخلِفُه.
٣٢ - ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا... ﴾: الآية.
قال الملائكة لربهم: ﴿سُبْحَانَكَ﴾ أي نسبحك وننزهك التنزيه اللائق بك، فلا يمكن أَن تخلو أفعالك من الحكم، ومن جملتها استخلاف آدم، وما سألنا إلا لنتعلم ونعرف الحكمة، وقد عرفناها بمرفة مزايا من استخلفته. ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾ ونحن لم نتعلم ذلك، بل تعلمنا العلوم اللائقة بعالمنا كما علمتنا ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ﴾ بما ينبغى لكل شئ ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تقديره وتدبيره.
﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣)﴾
التفسير
٣٣ - ﴿قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ.... ﴾: الآية.
بعد أن أقروا لله بعجزهم أراد -سبحانه- أن يبين لهم فضل آدم عليهم {قَالَ يَا آدَمُ
(٢) (المستدرك جـ٢ ص٥٤٤).