أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}: أَخْبِرهم بأسماءَ هذه المسميات التي عجزوا عن معرفتها ﴿فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾ وظهر فضله عليهم بالعلم. ﴿قَالَ﴾ الله لهم بعد ذلك: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ يقروا به جوابه السابق لهم: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وفي هذا إلتقرير، تفصيل لما أجمل سابقا، وعتاب لهم على تركهم ما كان أَولى بهم، وهو أَن يتوقفوا: متزصدين أَن يبين اللهُ لهم ما لا يعلمون، بدلًا من توجيه السؤَال له- بهذه الصوره-.
والهمزة في: ﴿أَلَمْ أَقُلْ﴾ للاستفهام الإِنكاري. وفيها معنى، النفي، دخلت على حرف النفي ﴿لَمْ﴾ فكان ذلك بمنزلة نفي النفي، فيفيد إِثباتًا وتقريرًا كما قلنا، فالمعنى قلت لكم: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
أَي أعلم ما فيهما من أَسرار لا تعلمونها ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾ من قولكم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾، ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ في نفوسكم من أنكم أَفضل منهم وأولى بالخلافه، أو من أمتثالكم الذي أَضمرتموه في أَنفسكم.
وفي هذه الآية إِشارة إِلى أَن الإنسان اعطىَ الاستعدادَ لِتَعرفِ الأشياء وإدراك نواميس الكون؛ ليسخرها له بمقتضى ما منحه اللهَ هن الأَسباب.
وفيما تقدم من ألاَيات، دليل على شرف الإِنسان، وعلى فضل العلم، وأَنه في مقدمة العبادات، وأنه مناط الخلافة والنيابة عن الله في الأرض، وأَن ألحكمة أمر زائد على العلم، لأن الملائكة وصفوا الله تعالى بالحكمة بعد العلم، وإِلا لزم التكرار. وقد دلت الآية الاخيرة على أن الله سبحانه يعلم الأَشياءَ قبل حدوثها.
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)﴾
التفسير
٣٤ - ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ.... ﴾ الآية.
في هذه الآيَة، تذكير بنعمة أُخرى على أبينا آدم عليه السلام، ناطقة بالتعظيم لقدره،