المفردات:
(نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ): ساررتموه.
(بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ): قبل نجواكم، وفي هذا التعبير استعارة تمثيلية أو مكنية، والنجوى: المسارة.
(أَأَشْفَقْتُمْ): أخفتم، أو شق عليكم.
(وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ): قبل توبتكم، أو رفع عنكم التكليف بتقديمها.
التفسير
١٢ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)﴾:
ذكر الآلوسي في سبب نزول هذه الآية عن ابن عباس وقتادة، أن قومًا من المسلمين كثرت مناجاتهم للرسول ﷺ في غير حاجة إلا لتظهر منزلتهم، وكان ﷺ سَمْحًا لا يرد أحدا، فنزلت هذه الآية.
وعن مقاتل أن الأغنياء كانوا يأتون النبي ﷺ فيكشرون مناجاته، ويغلبون الفقراء على المجالس، حتى كره ﷺ طول جلوسهم ومناجاتهم فنزلت. قال الآلوسي تعليقا على نزول هذه الآية: وفي هذا الأمر تعظيم للرسول ﷺ ونفع الفقراء، وتمييز بين المخلص والمنافق، ومحب الآخرة ومحب الدنيا، ودفع للتكاثر عليه من غير حاجة مهمة.
وقال زيد بن أسلم: لما نزلت هذه الآية انتهى أهل الباطل عن النجوى؛ لأنهم لم يقوموا بين يدي نجواهم صدقة، وشق ذلك على أهل الإيمان وامتنعوا عن النجوي، لضعف كثير منهم عن الصدقة، فخفف الله عنهم بما نزل بعد الآية.
وهذه الصدقة كان من مقاصدها نفع الفقراء، فإنها طلبت لتعطي لهم، فإنه ﷺ كان لا يأكل من الصدقة، ولم يعين في الآية مقدارها؛ ليجزيء القليل والكثير منها، وقد نسخ العمل بها كما سيأتي بيانه في الآية التالية.