التفسير
١ - ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)﴾:
نزلت حينما طلق ابن عمر امرأَته حائضًا على عهد رسول الله ﷺ فسأَل عمر رسول الله ﷺ قال: ابن عمر طلق امرأَته وهي حائض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليراجعها وقال: "إِذا طهرت فليطلق أَو يمسك" وقرأَ الآية.
وتخصيص النداء به ﷺ في الآية مع أَن الخطاب بالحكم عام؛ لكونه - عليه الصلاة والسلام - إِمام الأُمة ونظير ذلك ما يقال لرئيس القوم كبيرهم: يا فلان افعلوا كذا وكذا إِظهارًا لتقدمه عليهم واعتبارًا لترؤسه فيهم، وأَنه المتكلم عنهم، يصدرون عن رأَيه، ولا يستبدون بأَمر دونه لعلو قدره، وجلالة منصبه.
وقيل: إِنه بعد أَن خاطبه الله - سبحانه - بالنداء، صرف عنه الخطاب لأُمته تكريمًا له ﷺ لما في الطلاق من الكراهة، والكلام على هذا على تقدير القول، أَي: قل لأُمتك (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ).
فمعنى الآية: إِذا أَردتم تطليق النساء (١) وعزمتم عليه بتنزيل المشارف للأَمر منزلة الشارع فيه (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) أَي: مستقبلات لها بالدخول فيها، فإِن المرأَة إِذا طلقت في طهر، فإِنه يعقبه القرءُ الأَول من أَقراءِ عِدتها على رأَي من يرى أَن العدة بالحيض (٢)، وهي القروء المذكورة في سورة البقرة (٣) وبذلك تكون قد طلقت مستقبلة لعدتها.

(١) المراد بالنساء المدخول بهن من المعتدات بالحيض على ما في الكشاف وغيره.
(٢) كأبي حنيفة وكثير من علماء السلف والخلف، وقال ابن القيم: لم يستعمل في كلام الشارع إِلا للحيض.
(٣) من الآية ٢٥٨.


الصفحة التالية
Icon