وفي الكشاف أن المراد من الآية أَن يطلقن في طهر لم يجامَعْن فيه حتى لا تطول العدة عليهن إِذا حصل لهن حمل، وهذا هو أَحسن الطلاق، وأَدخله في باب السنة حتى عرف بالطلاق السني.
أَما تطليقهن في الحيض فهو الطلاق البدعي، وهو محرم، والآية تنهى عنه لما فيه من الإِضرار بالمرأَة لتطويل العدة عليها إِذ أَن الحيض الذي طلقت فيه لا يحتسب باتفاق، وتفصيل تلك الأَحكام تكفل بها علم الفقه.
(وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) (١) أَي اضبطوها بحفظ الوقت الذي جرى فيه الطلاق، وأَكملوها ثلاثة قروء كوامل.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ): أَي: خافوه وابتعدوا عن الإِضرار بهن بتطويل العدة عليهن حين تختارون تطليقهن في حيض أَو في طهر وقع فيه وطء.
وفي صفة تعالى بربوبيته لهم تأكيد للأَمر ومبالغة في وجوب الاتقاءِ له - تعالى.
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) من مساكنهن عند الفراق حتى تنقضي العدة، وإِضافة البيوت إِليهن مع أَنها للأَزواج لتأكيد النهي عن إِخراجهن ولبيان كمال استحقاقهن لسكناها كأَنها مملوكة لهن وعدم العطف في قوله: (لا تُخْرِجُوهُنَّ) للإيذان باستقلال النهي عن الإِخراج اعتناءَ به، والنهي عنه يتناول كل أَسبابه من إِكراه لهن على ترك المساكن أَو لحاجة الأَزواج إِلى المساكن أو لغير ذلك (لا تُخْرِجُوهُنَّ) من تلك المساكن التي كن فيها بإِذن أو بدونه، فكأَنه قيل: لا تخرجوهن ولا تأذنوا لهن في الخروج ولا يخرجن بأَنفسهن إِن أَردن ذلك (٢)، وقيل: المعنى ولا يخرجن باستبدادهن أَما إِذا اتفقا عليه جاز إِذ الحق لا يعدوهما.

(١) المراد بقوله: "وأَحصوا" الأزواج أو الزوجات أو المسلمون، والصحيح أَنهم الأَزواج؛ لأَن الضمائر كلها لهم.
(٢) هذا في الرجعة؛ لأَنها بصدد أَن يحدث لمطلقها رأى في ارتجاعها ما دامت في عدتها فكانت تحت تصرف الزوج كل وقت، وأَما البائن فليس لها شيء من ذلك فيجوز لها أن تخرج إِذا دعتها إلى ذلك ضرورة.


الصفحة التالية
Icon