أَي: قد شرع لكم سبحانه تحليل (١) أَيمانكم بالكفارة أَو بالاستثناء المتصل الذي يأتي به الحالف حتى لا يحنث، والتحليل من الحل ضد العقد فكأَنه باليمين على الشيءِ عقد عليه لالتزامه، وبالكفارة يحل ذلك.
وعلى القول بأَنه كان منه - عليه الصلاة والسلام - يمين كما جاءَ في بعض الروايات وهو ظاهر الآية.
اختلف هل أَعطي ﷺ الكفارة لمستحقيها أَو لا، فعن الحسن أَنه لم يعط؛ لأَنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأَخر، وإِنما هو تعليم للمؤمنين، وعن مقاتل أَنه ﷺ أَعتق رقبة في تحريم مارية، وقد نقل مالك في المدونة عن زيد بن أَسلم أَنه ﷺ أَعطى الكفارة في تحريمه أَم ولده حيث حلف أَلا يقربها، ونقل مثله عن الشعبي.
(وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ): أَي: والله سيدكم ومتولي أُموركم، هو جل شأنه عظيم العلم بما يصلح لكم فيشرعه لخيركم بالغ الحكمة والإِتقان في أَفعاله وأَحكامه فلا يأمركم ولا ينهاكم إِلا بما فيه الاستقامة والصلاح فيما أَحل وحرم.
٣ - ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣)﴾:
المراد من بعض أزواجه على المشهور حفصة لا عائشة كما زَعم بعض الشيعة أَي: واذكر حديثًا أَسرَّه النبي ﷺ لبعض أَزواجه، وهو ما روي عنه ﷺ "ولكني كنت أَشرب عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أَعود إِليه وقد حلفت لا تخبري بذلك أَحدا" أَو هو حديث مارية أَو حديث الإِمامة كما قيل (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أَي: أَخبرت بالحديث عائشة، وكانتا متصادقتين، وتناولتا نقصان حظ ضرتهما زينب من جيبهما ﷺ حيث إِنه كما في البخاري وغيره: كان يمكث عندها يشرب العسل، وقد اتخذ ذلك عادة وقد استخفها السرور فنبأَت به (٢)، (وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ) أَي: جعل سبحانه نبيه ﷺ ظاهرًا على
(٢) حيث إِن وجوده عندها ليس لمودة قلبية كما تقصدان.