التفسير
٢٠ - ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠)﴾:
هذه الآية تبكيت لقريش على عبادتهم مَن لا يقدر على نصرهم إِن حاربهم غيرهم، و (أَم) في قوله (أَم من) بمعنى بل، وذلك للانتقال من توبيخهم على ترك التأَمل فيما يشاهدونه من أَحوال الطير المنبئة عن عجيب آثار قدرته - عز وجل - إِلى التبكيت بما ذكر، والانتقال من الغيبة إِلى الخطاب للتشديد في ذلك.
والمعنى: بل من هذا الحقير الذي - هو في زعمكم - ينصركم متجاوزًا نصر الرحمن؟! ما الكافرون في زعمهم أَنهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم، لا بحفظه تعالى وحده لا شريك له - ما الكافرون في زعمهم هذا - إِلا في غرور وخداع فاحش من جهة الشيطان، وليس لهم من نصيب في الحق فيما يزعمون.
٢١ - ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١)﴾:
بل من هذا الرازق المزعوم الذي يرزقكم إِن حبس الله رزقه عنكم؟! إِن هؤُلاءِ الكافرين لم يتأَثروا بآيات الله الَّذِي لا يرزقهم سواه، بل تمادوا في عناد وشراد عن الحق.
٢٢ - ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢)﴾
هذا مثل ضرب للمؤمن والكافر في الدنيا توضيحًا لحاليهما، والفاءُ في قوله "أَفَمَنْ" لترتيب ما بعدها على ما قبلها والهمزة للإِنكار: والمعنى: ليس الكافر والمؤمن متساويين في حاليهما في الدنيا، أَهما متساويان فيها؟ ليس الأَمر كذلك؛ فمن يمشي منكسًا رأَسه لا ينظر أَمامه ولا يمينه ولا شماله لا يأمن من العثار والانكباب على وجهه فهو ليس كالرجل الذي يمشي سويًّا معتدلا ناظرًا ما بين يديه وعن يمينه وعن شماله، فإِنه يأمن العثار، وقال قتادة: هو الكافر أَكب على معاصي الله في الدنيا فحشره الله يوم القيامة على وجهه.