التفسير
١ - ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١)﴾:
أَي: قل لهم يا محمد: إِن الله أَخبرني على لسان جبريل - عليه السلام - أَن نفرًا من الجن قد أَلقوا بسمعهم إِلى القرآن الذي كنت أَتلوه، فلما سمعوه قالوا: إِنا سمعنا كلامًا جليل القدر عظيم الشأن ليس على نمط غيره من الكتب، بديعًا في حسن نظمه ودقة معانيه.
٢ - ﴿يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)﴾:
أي: وهو مع علو منزلته يدل ويرشد إِلى الطريق الحق والصراط المستقيم، ويدعو إِلى الإِيمان بالله وتوحيده فبادرنا فور سماعنا له باعتقاد ما جاءَ به، ولرسوخ ذلك في قلوبنا، واطمئناننا إِلى أَنه منزل من عند ربنا لن نعود إِلى الإِشراك بالله أَبدًا، بل نفرده وحده بالأُلوهية والربوبية.
٣ - ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣)﴾:
الجد معناه: العظمة، وفيه الحديث: "كان الرجل إِذا قرأَ سورة البقرة جدَّ فينا" أَي: جل قدره.
أَي: وأَنه - سبحانه - تعالت عظمته وتسامى جلاله قد تنزه عن أَن يتخذ صاحبه أَو ولدًا يحتاج إِليهما ويستأنس بهما؛ فالشأن فيهما ذلك، إِذ الرب - جل شأنه - يتعالى عن هذا وأَمثاله كما يتعالى ويتعاظم ويتنزه عن الأَندادِ والنظراءِ.
٤ - ﴿وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (٤)﴾:
أَي: وأن الأَحمق فينا والجاهل منا - وهو الذي خف عقله وذهب صوابه - كان يقول على الله قولا شططًا بعيدًا عن الحق والصدق والصواب؛ إِذ قد أَشرك به، ونسب إِليه الصاحبة والولد والله - سبحانه - منزه عن ذلك. وقيل: المراد من السفيه هو إِبليس، أَو كل ما رد من الجن كافر بالله.