ويروى أَنه لَمَّا نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أَكبر فكبَّرت خديجة، وأَيقنت أَنه الوحي، وذلك لأَن الشيطان لا يأَمر بذلك، وبعد الأَمر السابق في قوله: (قُمْ فَأَنذِرْ) ذكرت جملة (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) مقدمة على سائر الجمل والأَوامر التي تأتي بعدها إِشارة إِلى مزيد الاهتمام بأَمر التكبير، وإِيماء -على ما قيل- إِلى أَن المقصود الأَول مِن الأَمر بالقيام أَن يكبر ربه ويعظمه وينزهه عن الشرك: فإِن أَول ما يجب على العبد معرفة الله تعالى، ثم تنزيهه عمَّا لا يليق به، وقد يقال: لعل ذكر هذه الجملة أَولا لتشجيعه - عليه الصلاة والسلام - على الإِنذار وعدم مبالاته بما سوى الله - عز وجل - حيث تضمنت الإِشارة إِلى أَن نواصي الخلائق بيده تعالى، وكل ما سواه مقهور تحت كبريائه تعالى وعظمته، فلا ينبغي أَن يرهب إِلا منه، ولا يرغب إِلاَّ فيه، فكأَنه قيل: قم فأَنذر، واخصص ربَّك بالكبير والتَّعظيم، ولا يصدنك شيء على الإِنذار، قيل: ويجوز أَن يحمل قوله تعالى: (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) على التكبير في الصلاة - ذكر ذلك القرطبي والآلوسي والزمخشري -.
٤ - (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ):
١ - أَمر الله رسوله ﷺ أَن تكون ثيابه طاهرة من النجاسات؛ لأَن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة، وهي الأَولى في غير الصلاة، وقبيح بالمؤمن الطيب أَن يحمل خبثًا.
٢ - وقيل: هو أَمر بتقصيرها ومخالفة العرب في تطويلهم الثياب وجرهم الذيول علامة الكبر والخيلاء، فوق ما تتعرض له من الإِصابة بالنجاسة.
٣ - وقيل: هو أَمر بتطهير النفس ممَّا يستقذر من الأَفعال ويستهجن من العادات، يقال: فلان طاهر الثياب: إِذا وصفوه بالنقاء من العيوب ودنس الأَخلاق، وفلان دنس الثياب للغادر.
٥ - (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ):
أَي: والعذاب فاترك، والمعنى: دم على ترك ما يوصل إِلى العذاب من عبادة الأَوثان والتخلق بالأَخلاق الرديئة، فقوله سبحانه: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) كلام جامع في مكارم