٢ - (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ):
أَي: أُقسم وأُؤَكد القسم بالنفس اللَّوامة، والنفس اللَّوَّامة (كما قال مجاهد): هي النفس الخَيِّرة التي تلوم صاحبها على الشر لِمَ فعله؟ وعلى الخير لِمَ لَمْ يستكثر منه فهي لم تزل لائمة وإِن اجتهد في الطاعات. فالمبالغة جاءَت لدوام اللَّوم.
وقيل: المراد بالنفس اللَّوامة، نفس آدم فإِنها لم تزل تلوم نفسها على فعلها الذي خرجت به من الجنة، قال الآلوسي: وأَكثر الصوفية على أَن النفس اللَّوامة فوق الأَمَّارة وتحت المطمئنة وعرفوا اللَّوامة بأَنها هي التي تنورت بنور القلب قدر ما تنبهت عن سِنة الغفلة فكلما صدر عنها سيئة بحكم جِبلَّتها الظلمانية أَخذت تلوم نفسها ونفرت عنها - أهـ آلوسي.
وقيل: المراد باللَّوَّامة: الْمَلُومة المذمومة وهي النفس الفاجرة الجشعة اللَّوامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأَغراضها. وجاءَ نحوه في رواية ابن عباس، وهذا قول من نفى أَن يكون الكلام قسمًا إِذ ليس للمعاصي قدر وشرف يقسم به.
وقيل: المراد بالنفس: جنس النفس الشاملة التقية والفاجرة، وضعف الآلوسي القولين الأَخيرين.
٣ - (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ):
هذا جواب القسم أَو دليل الجواب، أَي لتبعثن بعد جمع ما تفرق من عظامكم وصيرورتها رميمًا رُفاتًا مختلطًا بالتراب.
والمراد بالإِنسان الجنس والهمزة لإِنكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه، أَي: أَيحسب الإِنسان أَن الشأْن أَلن نجمع عظامه بعد تفرقها، والمعنى لِمَ يكون هذا الحسبان الكاذب المُنَافِي لحق اليقين وصريحه، والنسبة إِلى الجنس لأَن فيه من يحسب ذلك، بل لعله الأَكثرون، وقيل: المراد بالإِنسان جنس الكافر المنكر للبعث، وجوز أَن يكون التعريف للعهد. والمراد بالإِنسان هنا عدي بن أَبي ربيعة ختن الأَخنس بن شريق -وهما اللذان كان النبي ﷺ يقول فيها: (اللَّهُم اكفني جاري السوء) فقد روي أَنَّ عَديَّا جاءَ إِليه