(أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) أَي: أَبصار أَصحاب هذه القلوب ذليلة حسيرة مما عانت من الأَهوال والشدائد، وقد أُريد من وجيف القلوب شدة الخوف الواقع بأَربابها فهي كناية عنهم.
١٠ - (يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ):
حكاية لما يقوله المنكرون للبعث المكذبون بالآيات الناطقة به إِثر بيان وقوعه بطريق التوكيد القسمى، وذكر مقدماته الهائلة، وما يعرض عند وقوعها القلوب والأَبصار.
والمعنى: إِن منكري البعث يقولون -إِنكارًا له، واستبعادًا لوقوعه إِذا قيل لهم في الدنيا إنكم مبعوثون: (أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ) يعنون الحياة التي كانوا عليها أَول الأَمر قبل موتهم يقال لمن كان في أَمر فخرج منه ثم عاد إِليه: رجع في حافرته، أَي: في طريقه التي جاءَ منها فحفرها، بمعنى أَثر فيها بمشيه، وتسميتها حافرة مع أَنها محفورة، لنسبتها إِلى الحفر، أَو على المجاز كما في قوله تعالى: "فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ" (١) أَي: منسوبة إِلى الرضا، أو على المجاز وقيل: إنه -تعالى شأْنه- لما أَقسم على البعث، وبين ذُلَّهم وخوْفَهم ذكر هنا إقرارهم بالبعث، وردهم إِلى الحياة بعد الموت، فالاستفهام لاستغراب ما شاهدوه بعد الإِنكار والجملة استئناف لبيان ما يقولون إِذ ذاك.
١١ - (أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً):
تأْكيد لإِنكار البعث بذكر حالة منافية لحصوله أَي: أَئذا كنا عظاما بليت وتفتت واختلطت بتراب الأَرض نُرد ونُبعث مع كون تلك الحالة أَبعد شيءٍ من الحياة، ذلك أَمر بعيد الحصول.
وفرق بين العظام الناخرة والنخرة -حيث إِن النخرة فسرت بالأَشد بِلي، قال عمرو بن العلاءِ: النخرة: التي بليت، والناخرة التي لم تنخر بعدُ، ونقل اتحاد المعنى عن غيره.