٣ - (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ):
أي: اقتلعت وأُبعدت عن أماكنها بالرجفة الأولى التي تنشق لها الأرض، وتضمحل، وتتزلزل زلزالًا شديدًا، فتتقطع أوصالها، وتفصل منها جبالها، قيل: تسير مقذوفة في الفضاء، وقد تمر على الرءُوس مع السحاب.
٤ - (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ):
أي: أهملت وسيبت، وتركها أهلها بلا راع، تسير حيث تشاءُ مع أنها أَنفس أَموالهم وأكرمها؛ وذلك لاشتغالهم بأنفسهم لشدة الكرب، وعظم الهول، وقيل: العشار من السحائب فإن العرب تشبهها بالحوامل، ومنه وقوله تعالى: "فالحاملاتِ وقرًا" (١) وتعطيلها عدم إمطارها، وقال القرطبي: الكلام على التمثيل؛ إذ لا عشار حينئذ. والمعنى: أنه لو كانت عشار لعطلها أهلها واشتغلوا بأنفسهم.
٥ - (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ):
أي: جمعت من كل ناحية كما قال تعالى: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" (٢) قال ابن عباس: حشرها: موتها وهلاكها. وقال قتادة: يحشر كل شيءٍ حتى الذباب للقصاص، فإذا قضى بينهما ردت ترابًا، وقال حجة الإِسلام الغزلي وجماعة: إنه لا يحشر غير الثقلين لعدم كونه مكلفًا ولا أهلا للكرامة بوجه، وليس هذا الباب نص من كتاب أو سنة معول عليه يدل على حشر غيرهما، ويقول الآلوسي: وإلي هذا القول أميل، ولا أجزم بخطأ القائلين بالأول وهو حشر الجميع لأن لهم ما يصلح مستندًا في الجملة، ويشير بذلك إلى الحديث الذي أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة في هذه الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماءِ من الشاة

(١) الذرايات، الآية: ٢
(٢) الأنعام، الآية: ٣٨


الصفحة التالية
Icon