(جَابُوا الصَّخْرَ) أَي: قطعوا صخر الجبال، واتخذوا فيها بيوتًا، ومنه: يجوب فلان البلاد، أَي: يقطعها.
(ذِي الأَوْتَادِ) أَي: الجنود الكثيرة، وكانت لهم مضارب كثيرة، يشدون خيامها إِذا نزلوا بالأَوتاد.
(فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ): الصب: التتابع، والسوط: الجلد المضفور، أَي: المجدول، وذلك مجاز عن إِيقاع العذاب بهم على أَبلغ الوجوه؛ إِذ الصب يشعر بالدوام، والوسط بزيادة الإِيلام، بمعنى أَنهم عذبوا عذابًا مؤلمًا دائمًا.
(لَبِالْمِرْصَادِ): وهو المكان الذي يقوم فيه الرصد، وهذا مثل لإِرصاده العباد، وأَنهم لا يفوتونه، وأَنه عالم بما يصدر عنهم، فيجازيهم عليه.
التفسير:
١ - ٥ - (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ):
أَقسم الله -سبحانه- بهذه الأَقسام الخمسة لشرفها وعظمها، ولما فيها من الفوائد الدينية والدنوينة، فأَقسم بالفجر -وهو الصبح- لما يحصل به من ظهور الضوءِ، وانتشار الناس لتحصيل الرزق، وقيل: هو صلاة الفجر؛ لأَنها مشهودة يشهدها ملائكة الليل، وملائكة النهار، وعن مسروق، ومجاهد، ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر، كما أَقسم بالليالي العشر لشرفها بما يقع فيها، والمراد بها: عشر ذي الحجة كما قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس مرفوعًا: "مَا مِنْ أَيَّام الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلى الله فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّام) يعني عشر ذي الحجة. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبيل الله إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بنَفْسَهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيْءٍ)، وقيل: المراد العشر الأَول من المحرم وفيها يوم عاشوراء، وقد ورد في فضله ما ورد. وروي