١٢ - (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ):
أَي: وما أَعلمك وأَخبرك ما اقتحام العقبة ومجاوزتها وتخطيها؛ وهذا ينبئُ عن عظيم شأْنها وكبير خطرها، وقد أَبانها الله لرسوله بقوله بعد: (فَكُّ رَقَبَةٍ) إِلخ.
قال سفيان بن عيينة: كل شيءٍ قال فيه: (وَمَا أَدْرَاكَ) فإِنه أَخبر به، وكل شيءٍ قال فيه: (وَمَا يُدْرِيكَ) فإِنه لم يخبر به.
١٣ - (فَكُّ رَقَبَةٍ):
أَي: الإِسهام والمساعدة في تحرير الرقيق من إِسار الرق، وتخليصه من ربقة العبودية بأَن يعطيه بعض ماله ليكون ذلك عونًا له على فكاك نفسه من ذل الرق، لينعم بالحرية، ولله -سبحانه - قد خفف على هؤُلاءِ المترفين ذوي النعم الكثيرة فلم يأْمرهم بعتق الرقبة كلها حتى لا يشق عليهم ذلك، وإِنما حثهم على إِعطاءِ الرقيق المكاتب ما يساعده على تحرير رقبته وتخليصها من الرق، فقد ورد أَن أَعرابيًّا قال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة قال: "عِتْقُ النَّسمَةِ، وفَكُّ الرَقَبَةِ" قال: أَو ليستا بواحدة، قال صلى الله عليه وسلم: "لا، إِنَّ عِتق النَّسمَةِ أَنْ تَنَفَردَ بعِتْقِهَا، وفَكُّ الرَقَبَةِ أَن تُعِين فِي عِتْقِهَا".
هذا، وإِن عتق الرقبة كلها فضلا كبيرًا وثوابًا عظيمًا بيّنه ﷺ بقوله: "أَيُّمَا امرئٍ مُسْلمٍ أَعتقَ امرأً مسلمًا كانَ فِكَاكَهُ مِنَ النارِ يجزي كلُّ عضوٍ منهُ عضوًا منه، وأَيما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقت امرأةً مسلمةً كانت فِكاكَهَا مِنَ النارِ يجْزي كلُّ عضوٍ منهَا عضوًا مِنهَا" (١).
١٤ - (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ):
إِطعام الطعام فضيلة، رغب فيه الإِسلام ودعا إليه الرسول الكريم وحث عليه، غير أَنه مع السغب وفي يوم المجاعة والجوع العام يكون أَفضل وأزكى وأنمى في أَعمال البر، روي عنه ﷺ أَنه قال: "مِنْ مُوجباتِ الرَّحمةِ إِطعامُ المُسلمِ السَّغْبَانِ" (٢). أَي: إِنه قام بالإِطعام
(٢) رواه الحاكم وصححه، والبيهقي متصلا، ومرسلا.