١٠ - (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ):
أَي: لا تغلظ له القول ولا تزجره، ولكن تلطف معه وردّه ولو بعطاءٍ قليل أَو ردٍّ جميل واذكر فقرك. وقد روي أَن النبي ﷺ قال: "رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفِ شَاةٍ" والرسول ﷺ يشير بهذا إلى أن الملائكة قد تأْتي في صورة من يسأَل أَصحاب المال وذوي النعم اختبارًا لهم وابتلاءً. وقيل المراد بالسائل هنا: الذي يسأَل عن الدين ويريد أَن يعرف ما جهل منه، أَو ما التبس عليه، فيه، أَي: فلا ترده بالغلظة والجفوة، وأَجبه برفق ولين هذا، وإن إِجابة السائل عن الدين فرض كفاية على العالم.
وعن أَبي هارون العبدي قال: كنا إِذا أَتينا أَبا سعيد الخدري - رضي الله عنه- يقول: مرحبًا بوصية رسول الله ﷺ إِن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: "إِنَّ الناسَ لَكُمْ تَبَعٌ، وإِنَّ رجَالًا يأْتَونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الأَرضِ يَتَفَقَّهُون، فَإِذا أَتوْكُمْ فاسْتَوْصُوا بهم خَيْراَ" (١).
١١ - (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ):
أَي: انشر وأَظهر وأَذِعْ ما أَنعم الله به عليك بالشكر والثناءِ؛ فالتحدث بنعم الله والاعتراف بها شكر؛ أَخرج البخاري في الأَدب وغيره عن رسول الله ﷺ مرفوعًا "مَنْ أُعْطَيِ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فإِنْ لَمْ يَجِدْ فَليُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنى بِهِ فَقدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرهُ، وَمَنْ تَحَلَّى بمَا لَمْ يُعْط كَانَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" (٢) ولذا استحب بعض السلف التحدث بما عمله من الخير إِذا لم يرد به الرياءَ والافتخار، وظن الاقتداءَ به، وأَمن على نفسه الفتنة.
جاءَ في تفسير القرطبي: وكان أَبو فراس عبد الله بن غالب إِذا أَصبح يقول: لقد رزقني الله البارحة كذا، قرأْت كذا؛ وصليت كذا، وذكرت الله كذا، وفعلت كذا فقلنا له: يا أَبا فراس: إِن مثلك لا يقول هذا: قال: يقول الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) وتقولون أَنتم: لا تحدث بنعمة الله.
(٢) رواه الترمذي، وضعفه.