وعن ابن عباس: ما كسب من الولد، أَخرج أَبو داود عن عائشة مرفوعًا: "إنَّ أَطْيَبَ مَا يَأكُلُ الرجُلُ مِن كَسبِهِ وإنَّ ولَدَهُ مِنْ كَسبِهِ"، وروي أنه كان يقول: إن كان ما يقول ابن أخي حقًّا فأَنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي، وكان له ثلاثة أبناء: عتبة، ومتعب وقد أسلما يوم الفتح، وسر النبي ﷺ بإسلامهما ودعا لهما، وشهدا حنينًا والطائف، وعتيبة -بالتصغير- لم يسلم، وهو الذي قتله الأَسد ببركة دعاء النبي ﷺ وقد كان أبو لهب شديد العداوة لرسول الله، شديد التحريض عليه، شديد الصد عن دين الله.
٣ - (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ):
أي: سيدخل النار لا محالة في الآخرة ويقاسي حرها، والسين لتأْكيد الوعيد والتنوين في (نَارًا) للتعظيم، أي: نارًا عظيمة ذات اشتغال وشرر وتوقد، وهي نار جهنم.
٤ - (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ):
أي: وستصلى معه وتُعذب بهذه النار أيضًا امرأَته حمالة الحطب، وهي أُم جميل بنت حرب أُخت أَبي سفيان، وكانت عوراء كما جاءَ في البحر، وسُمِّيت بحمَّالة الحطب على ما أَخرج بن أبي حاتم وابن جرير عن ابن زيد؛ لأنها كانت تأْتي بأَغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق رسول الله ﷺ وكان رسول الله يطؤها كما يطأ الحرير. وروى عن قتادة أنها كانت مع كثرة مالها وشرفها تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها. وعن مجاهد أنها كانت تمشي بالنميمة ضد رسول الله ﷺ وضد دعوته، ويقال لمن يمشي بالنميمة هو يحمل الحطب بين الناس، أي: يوقد نار العداوة، ويوْرث الشر بينهم.
٥ - (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ):
وأكد -سبحانه- تبشيع عملها وتقبيح صورتها فقال: "فِي جِيدِهَا" أَي: في عنقها (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي: حبل ممَّا مُسِدَ وقتل وقُوِّي من الحبال، والمراد تصويرها بصورة الحطَّابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها؛ تحقيرًا لحالها لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها؛ إذا كانا في منصب الثروة والجاه، ولقد أغضبها ذلك.