ثمَّ أمر بتقواه - دائما - في جميع الأحوال والأعمال: ظاهرها وباطنها. فقال:
﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾: لأن التقوى ملاك الأمر كله. فليحذر المؤمنون مخالفة أمر الله تعالى، وليتمسكوا بالعدل دائما، ولا يحيدوا عنه.
﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾:
إن الله سبحانه وتعالى - عليم بدقائق أموركم، وسيجازيكم عليها، إن خيرا فخير، وإن شرًّا فشر.
وخَتْمُ الآية بذلك: تحذيرٌ من مخالفة الله، وتنبيهٌ على أنه مطلع على دقائق الأمور.
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٠)﴾.
التفسير
٩ - ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾:
أي: وعد الله عباده المؤمنين الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان، وظهرت آثاره على وجوههم فعملوا الصالحات في أنفسهم - وفي روابطهم الاجتماعية - بأَن لهم مغفرةً وأجرًا عظيما.
وفي قَرْنِ الإِيمان بالعمل الصالح. دليل على أن العَملَ لا بدَّ مِنهُ، مع التصديق والإذعان؛ ليتحقق وعد الله.
ولما كانت الأمور تتميز بأضدادها، فلذا قَرَن وعْدَ المومنين بوعيد الكافرين فقال:
١٠ - ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا... ﴾ الآية.
أي: كذبوا بآيات الله المنزلة على رسله، وآياتِه التي أقامها في الأنفس والآفاق، للدلالة على وحدانيته، وكمال قدرته وسائر صفاته.