التفسير
٦ - ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا... ﴾ الآية.
أي اختبروا اليتامى - أيها الأولياء - قبيل البلوغ، بالإذن لهم في التصرف في بعض أموالهم، لتعرفوا حسن تصرفهم فيها وضبطهم لها. فإن تبينتم منهم رشدا - بعد البلوغ، وهداية إلى حسن التصرف - فادفعوا إليهم أموالهم التي تحت أيديكم. وإلا فاستمروا على الابتلاء والتجربة، حتى تعرفوا منهم ذلك.
وقد ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أن الاختبار قبل البلوغ.
ويدل على هذا قوله: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾.
وقد فَرَّعَ أبو حنيفة على هذا: أن تَصَرُّفَ الصبي العاقل المميز صحيح، متى كان بإذن الولي.
وقال الشافعي: لا يباشر الصبي العقد بنفسه، وإِنما يباشره وليه، فإذا تمت الصفقة، قام الولي بالتعاقد.
وظاهر الآية: دال على أَن أَموال اليتامي، لا تدفع إليهم، إلا إذا بلغوا راشدين.
والبلوغ: إما بالاحتلام للذكور، وبالحيض للإناث. وإما بالسن، وهو عند الشافعي والحنابلة: خمس عشرة سنة. وعند المالكية. سبع عشرة سنة. وفرق الحنفية بين الذكور والإناث: فجعلوه للذكور ثمانية عشر عاما، وللإناث سبعة عشر عاما. وكل ذلك بالحساب القمري.
فإذا بلغ غير رشيد، فلا يسلَّم له ماله، عند جمهور الفقهاء. ومنهم صاحبا أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: يُسَلَّم له إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة وإن لم يثبت رشده؛ لأنه يصلح أَن يكون جدًا، وهو يستحيى أن يحجر على مثله، ولكن النص لا يساعد مذهبه. فقد قال تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾.