وقد ذهب جمهور فقهاء الأمصار، إلى أن هذا الإعطاء على سبيل الاستحباب، إذ لو كان واجبًا، لبينه الله، كما بين سائر الحقوق، ولتوفرت الدواعي على نقله. ولكنه لم ينقل. فدل ذلك على عدم وجوبه.
وعلى ذلك فالآية محكمة لا نسخ فيها.
وقد نقل عن ابن عباس أنه قال: والله ما نسخت هذه الآية، ولكن الناس تهاونوا بها.
ومن العلماء من قال: إن الإعطاء كان واجبا قبل نزول آيات المواريث. ثم نسخ.
والأول هو الصحيح المعوَّل عليه؛ لأن نص الآية مشعر بتقدم آيات المواريث عليها، فمعنى ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾: أي قسمة الميراث على أربابه، ولا يقسم الميراث، ما لم تعلم أنصباء الورثة، والأمر بالرزق في قوله: ﴿فَارْزُقُوهُمْ﴾: إنما هو في نصيب البالغين من الورثة، أما الصغار فلا يعطى من نصيبهم شيء.
﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٩)﴾.
المفردات:
﴿وَلْيَخْشَ﴾ الخشية: الخوف والحذر.
﴿قَوْلًا سَدِيدًا﴾: عَدْلًا وصوابًا.
التفسير
٩ - ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾:
يأمر الله تعالى الأولياء في هذه الآية الكريمة: بأن يخافوا ربهم ويتقوه في رعاية اليتامى الذين يَلُونَ أمورهم. فعليهم أن يعاملوهم بمثل ما يحبون أن يُعَامَلَ بهِ أبناؤُهم الضعفاء من بعدهم. وذلك بحفظ أموال اليتامى ورعايتها.