جاءَت هذه الآية لتبين أنه إن طلقها - دون أن يكون منها نشوز وإساءة - فليس له أن يأخذ مما أصدقها إياه شيئًا، ولو كان قليلًا، وإن كان الذي أعطاها إياه مالًا كثيرًا.
والمعنى: وإن أردتم - أيا الأزواج - تزوج امرأة ترغبون فيها، لتقوم مكان زوجة ترغبون عنها، وتريدون طلاقها، وقد كنتم أعطيتم من قبل ذلك من تريدون فراقها مالًا كثيرًا:
﴿فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا﴾: فلا تستردوا من الكثير الذي أعطيتموه لها شيئًا ولو قليلًا، فضلا عن أن تأخُذُوا مِنه كثيرًا.
وقد استدل بظاهر الآية، على جواز المغالاة في المهور.
روي أن عمر - رضي الله عنه -، قال على المنبر: لا تُغاَلوا في مُهور نسائكم. فقامت امرأة فقالت: يا ابن الخطاب، الله يعطينا وأنت تمنع؟ وتلت هذه الآية، فقال عمر: كل الناس أفقه من عمر، ورجع عن النهي عن المغالاة (١).
ومع سكوت عمر عن النهي عنها، فالقصد في المهور أفضل.
ففي الحديث: "أعْظَمُ النِّسَاء بَرَكَةً أيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً (٢) ".
وذهب العلماءُ إلى أنه لا حد لأكثر الصداق.
واختلف في أقله. وقد تكفلت كتب الفقه ببيان الآراء في ذلك.
وبعد النهي الصريح عن أخذ شيء من صداق من يراد طلاقها، انتقلت الآية إلى تأكيد هذا النهي - بطريق الإنكار - على من يسترد شيئًا من الصداق، وتوبيخه على ذلك، بقوله تعالى:
﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾: أي أتأخذون هذا الصداق - أو شيئًا منه - ظالمين للزوجات بهذا الأخذ، وآثمين به إثمًا بينًا واضحًا!
(٢) رواه أحمد في مسنده.