ثم بَيَّنَ سبحانه، عاقبة الظالمين وسوءَ منقلبهم فقال:
﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾:
أَي إِنَّ شأْن الله - في تدبيره - أَنه لا يفلح الظالمون. فلا ينتصرون في دنياهم، ولا ينجون من العذاب في أُخراهم.
وإذا كان هذا حال الظالمين ومآلهم، فكيف تكون عاقبة من افترى، على الله الكذب وكذب بآياته، فكان أَظلم الظالمين، وأَبعد الناس عن رحمة رب العالمين.
٢٢ - ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾:
أَي: واذكر لهم - أَيها الرسول - يوم نحشرهم جميعا، على اختلاف درجاتهم في ظلم أَنفسهم وظلم غيرها. ثم نسأَل الذين أَشركوا - وهم أَشد الناس ظلما - أَين الشركاءُ؟
- سؤال تقريع وتشهير - الذين كنتم تزعمون في الدنيا. أَنهم أَولياؤكم من دون الله، وأَنهم يقربونكم إِليه زلفى، ويشفعون لكم عنده؟ فأين هم؟
لقد ضَلُّوا عنكم وخاب أَملُكم في شفاعتهم.
وصدق الله إذ يقول: ﴿وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ (١).
٢٣ - ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾:
يتلفت القوم إِلى الشركاءِ، فلا يجدون أَثرا. ويخيل إِليهم - من ضلالهم - أَن فتنتهم وكفرهم الذي لزموه مدة أَعمارهم، وافتخروا به - قد اختفى. وأَنهم لن يؤخذوا بهذا الجرم الذي لا يقوم شاهد وجوده. فيقولون - كذبا وبهتانا -: والله ربنا ما كنا

(١) الأنعام، من الآية: ٩٤


الصفحة التالية
Icon