في جمع كثير. واستمعوا إلى النبي - ﷺ -. وهو يقرأ القرآن. فقالوا للنضر يا أبا قتيلة (١)، ما يقول محمد؟ فقال: والذي جعل الكعبة بيته، ما أدري ما يقول، إلا أني أراه يحرك شفتيه ويتكلم بأساطير الأولين. مثل ما كنت أحدثكم به عن القرون الماضية - وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأولى. يحدث قريش بما يستملحونه - قال أبو سفيان: إني لأرى بعض ما يقول محمدًا حقًا. فقال أبو جهل:... فأنزل الله الآية.
﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾:
أي ومنهم من يستمع إليك أيها الرسول، استماع استعلاء وانتقاد، لا استماع تدبر وانقياد حيت تتلوا القرآن: داعيًا إلى توحيد الله. ولهذا قد جعلنا على قلوبهم أغطية من الكبر والعجرفة ونعرة الجاهلية. فلم تعد تبلغ كلمات الله مواطن القبول في قلوبهم، ولا تنفذ أسماعهم، لأنهم لا يريدون إلا ذلك.
وفي هذا تشبيه للحجب والموانع المعنوية، بالحجب والموانع الحسية.
فالقلب الذي لا يقبل الحق ولا يتدبره، كالوعاء الذي وضع عليه الغطاء فلا يدخل فيه شيء. والآذان التي لا تنتفع بما يصل إليها من نصائح، كالآذان المصابة بالثقل والصمم فسمعها وعدمه سواءٌ.
﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾:
أي وإن يروا كل آية من الآيات الدالة على صحة نبوتك، وصدق دعوتك، لا يؤمنوا بها عنادًا واستكبارًا، مع وضوح حجتها، وظهور الحق فيها؛ لأن قلوبهم وأسماعهم مستغرقة في أنانيتهم وعنجهيتهم، فلا تستجيب للإيمان، ولا تتقبل الهدى.