مكان الفتح، أَي المكان الذي يُفتحُ، والراد منه: المخزن أَو الخزينة.
ويكون المعنى على هذا: وعنده خزائن الغيب.
(كِتَابٍ مُّبِينٍ): كتاب بين واضح في ذاته من: أَبان بمعنى اتضح. أَو موضح لغيره؛ من: أَبانه بمعنى أَوضحه، والمراد بالكتاب المبين: علم الله، أَو اللوح المحفوظ.
التفسير
٥٩ - ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ... ﴾ الآية.
المراد من مفاتح الغيب: ما يُتَوَصل به إِلى علم الغيب. ومعنى كونها عنده تعالى: أَنها داخلة تحت علمه.
والمعنى المراد من هذه الجملة: أَنه تعالى، اختص بأَسباب علم الغيب كله والطرق الموصلة إِليه... ليس له في العلم بها شريك، وأَكد اختصاصه بالعلم بها بقوله:
(لَا يَعْلَمُهَا إلَّا هُوَ):
أَي: لا يعلم الأَسباب الموصلة إلى الغيب سواه. ومن كان كذلك فلا يقدر غيره على إبراز الغيب الذي استأْثر سبحانه، بمفاتيحه.
ولا يمنع اختصاصه تعالى بمفاتيح الغيب: أَن يمنح بعض خواص عباده شيئًا من علم الغيب - وهم المرسلون - صلوات الله وسلامه عليهم - قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أحَدًا. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ... ﴾ (١) وقال تعالى: ﴿... وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِى مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ... ﴾ (٢) لأَن العلم الذي اختص به المولى، هو علم الغيب ذاتيا. أَما علم الرسل به فليس كذلك، إِذ هو منحة من الله تعالى لهم، ولولاها لما حصل لهم.
التنجيم وأمثاله:
عُلِمَ من قوله تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ أَنّ علم الغيب - بالذات - لا يكون لأَحد سوى الله تعالى.
وعُلِمَ من آيتى سورتى آل عمران والجن - أَنه سبحانه وتعالى - قد يُعْلِمُ بعضَ خواصِّ عباده - وهم الرسل - بعضَ الغيب.
(٢) آل عمران، من الآية، ١٧٩